الأوّل يوم السبت سنة أربع وستين قَذَفوا البيتَ بالمجَانيق، وحرّقوه بالنار، وأخذوا يرتجزون ويقولون:
خطَّارةٌ مِثلُ الفنِيق المزبدِ ... نَرْمِي بها أَعْوَادَ هذا المْسجدِ
قال هشام: قال أبو عوانة: جعل عمرو بنُ حَوْط السدوسيّ يقول:
كيف تَرى صنيع أُمِّ فَرْوَهْ ... تأْخُذُهُمْ بين الصَّفَا والمَرْوَهْ
(٥: ٤٩٧ - ٤٩٨).
يعني بأمّ فروةَ المنجنيق.
وقال الواقديّ: سار الحُصين بن نمير حين دُفن مسلم بن عُقبة بالمشلَّل لسبعٍ بقين من المحرّم، وقدم مكة لأربع بقين من المحرّم، فحاصر ابنَ الزبير أربعًا وستين يومًا حتّى جاءهم نعْي يزيد بن معاوية لهلال ربيع الآخر. (٥: ٤٩٨).
[دكر الخبر عن حرق الكعبة]
وفي هذه السنة حُرقت الكعبة.
ذكر السبب في إحراقها:
قال محمَّد بن عمر: احترقت الكعبة يومَ السبت لثلاث ليال خلوْن من شهر ربيع الأوّل سنة أربع وستين قبل أن يأتيَ نعيُ يزيدَ بن معاوية بتسعة وعشرين يومًا، وجاء نعيه لهلال ربيع الآخر ليلة الثلاثاء. (٥: ٤٩٨).
قال محمَّد بن عمر: حدّثنا رياح بن مسلم عن أبيه، قال: كانوا يوقدون حولَ الكعبة، فأقبلتْ شَرَرة هبّت بها الريح، فاحترقتْ ثياب الكعبة، واحترف خشبُ البيت يومَ السبت لثلاثِ ليال خلوْن من ربيع الأوّل. (٥: ٤٩٨).
قال محمَّد بن عمر: وحدّثني عبد الله بن زيد، قال: حدّثني عروة بن أذَيْنَة، قال: قدمتُ مكة مع أمّي يومَ احترقت الكعبة قد خَلَصتْ إليها النار، ورأيتُها مجرّدة من الحرير، ورأيت الرّكن قد اسودّ وانصدع في ثلاثة أمكنة، فقلت: ما أصاب الكعبة؟ فأشاروا إلى رجل من أصحاب عبد الله بن الزبير، قالوا: هذا احترقتْ بسببه، أخذ قبَسًا في رأس رمح له فطيّرت الريحُ به، فضرَبتْ أستارَ الكعبة ما بين الركن اليمانيّ والأسوَد. (٥: ٤٩٨ - ٤٩٩).