للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيسى بن محمد بن أبي خالد، فكانوا يركبون حتى يأتوا عسكر الحسن وأصحابه بواسط في كلّ يوم، فلا يخرج إليهم من أصحاب الحسن أحد، وهم متحصّنون بمدينة واسط.

ثم إن الحسن أمر أصحابه بالتهيُّؤ للخروج للقتال، فخرجوا إليهم يوم السبت لأربع بقينَ من رجب، فاقتتلوا قتالًا شديدًا إلى قريب الظهر. ثم وقعت الهزيمة على عيسى وأصحابه، فانهزموا حتى بلغوا طرنايا والنيل، وأخذ أصحاب الحسن جميع ما كان في عسكرهم من سلاح ودوابّ وغير ذلك.

* * *

ظفر إبراهيم بن المهديِّ بسهل بن سلامة المطوّعيّ

وفى هذه السنة ظفر إبراهيم بن المهدي بسهل بن سلامة المطوّعيّ فحبسه وعاقبه (١).

ذكر الخبر عن سبب ظفره به وحبسه إياه:

ذُكر أنّ سهل بن سلامة كان مقيمًا ببغداد، يدعو إلى العمل بكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ فلم يزل كذلك حتى أجتمع إليه عامةُ أهل بغداد ونزلوا عنده؛ سوى مَنْ هو مقيم في منزله، وهواه ورأيه معه؛ وكان إبراهيم قد همّ بقتاله قبل الوَقعة، ثم أمسك عن ذلك، فلمَّا كانت هذه الوقعة وصارت الهزيمة على أصحاب عيسى ومَنْ معه أقبل على سهل بن سلامة، فدسّ إليه وإلى أصحابه الذين بايعوه على العمل بالكتاب والسنة، وألَّا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق؛ فكان كلُّ مَنْ أجابه إلى ذلك قد عمل على باب داره بُرجًا بجصّ وآجرّ، ونصب عليه السلاح والمصاحف؛ حتى بلغوا قرب باب الشأم؛ سوى مَنْ أجابه من أهل الكرْخ وسائر الناس؛ فلما رجع عيسى من الهزيمة إلى بغداد، أقبل هو وإخوته وجماعة أصحابه نحو سهل بن سلامة؛ لأنه كان يذكّرهم بأسوأ أعمالهم وفعَالهم، ويقول: الفسّاق؛ لم يكن لهم عنده اسم غيره، فقاتلوه أيامًا؛ وكان الذي تولى قتاله عيسى بن محمد بن أبي خالد، فلمّا صار إلى الدّروب التي قرب سهل أعطى


(١) انظر البداية والنهاية (٨/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>