للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاطئ عثمان بالرجالة، وبما خفّ له من السفن من ناحيةٍ دِجْلة، وجعلت سراياه تضرب إلى ناحية نهر مَعْقِل.

فذكر عن صاحب الزّنج، أنه قال: ميّلت بين عبّادان والأبُلّة، فملتُ إلى التوجّه إلى عَبَّادان، وندبتُ الرّجالة لذلك، فقيل لي: إن أقرب العدو دارًا، وأولاه بألا تتشاغل بغيره عنه أهلُ الأبُلة، فرددت الجيش الذي كنت سيّرتُ نحو عبّادان إلى الأبُلّة. فلم يزالوا يحاربون أهل الأبُلّة إلى ليلة الأربعاء لخمس بقين من رجب سنة ست وخمسين ومئتين، فلما كان في هذه الليلة اقتحمها الزنج مما يلي دِجْلة ونهر الأبُلّة، فقتل بها أبو الأحوص وابنه، وأضرمت نارًا، وكانت مبنية بالساج محفوفة بناء متكاثفًا، فأسرعت فيها النار، ونشأت ريحٌ عاصف، فأطارت شرر ذلك الحريق حتى وصلت بشاطئ عثمان، فاحتردتىَ وقُتِل بالأبُلّة خلقٌ كثير، وغرق خلق كثير، وحُويت الأسلاب، فكان ما احترق من الأمتعة أكثر مما انتُهب.

وقتِل في هذه الليلة عبدُ الله بن حميد الطوسيّ وابنٌ له؛ كانا في شَذاة بنهر مَعْقِل مع نُصير المعروف بأبي حمزة.

* * *

[ذكر خبر استيلاء صاحب الزنج على عبّادان] (١)

وفيها استسلم أهل عبّادان لصاحب الزّنج فسلّموا إليه حصنهم.

* ذكر الخبر عن السبب الذي دعاهم إلى ذلك:

ذُكر أنّ السبب في ذلك أنّ الخبيث لما فعل أصحابُه من الزّنج بأهل الأبُلّة ما فعلوا، ضعفت قلوبهم، وخافوهم على أنفسهم وحُرمهم، فأعطوا بأيديهم، وسلموا إليه بلدهم، فدخلها أصحابه، فأخذوا مَنْ كان فيها من العبيد، وحملوا ما كان فيها من السلاح إليه، ففرّقه عليهم.


(١) انظر المنتظم (١٢/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>