وحملهم إلى الموفقيّة، وأخرج في ذلك اليوم كل ما كان بقي في نهر أبي الخصيب من شذًا ومراكب بحرية وسفن صغار وكبار وحَرّاقات وزلّالات وغير ذلك من أصناف السفن من النهر إلى دِجلْة، وأباحها الموفّق أصحابه وغلمانه مع ما فيها من السلب والنهب الذي حازوا في ذلك اليوم من عسكر الخبيث، وكان ذلك قدر جليل وخطر عظيم.
* * *
وفيها كان إحدار المعتمد إلى واسط، فسار إليها في ذي القعدة وأنزل دار زيرك.
وفيها سأل أنكلاي ابن الفاسق أبا أحمد الموفّق الأمان، وأرسل إليه في ذلك رسولًا، وسأل أشياء فأجابه الموفّق إلى كل ما سأله، وردّ إليه رسوله، وعرض للموفّق بعقب ذلك ما شغله عن الحرب، وعلم الفاسق أبو أنكلاي بما كان من ابنه فعذَله - فيما ذكر - على ذلك، حتى ثناه عن رأيه في طلب الأمان، فعاد للجِدّ في قتال أصحاب الموفّق، ومباشرة الحرب بنفسه.
* * *
[[ذكر طلب رؤساء صاحب الزنج الأمان]]
وفيها وجه أيضًا سليمان بن موسى الشعرانيّ - وهو أحد رؤساء أصحاب الفاسق - من يطلب الأمان له من أبي أحمد، فمنعه أبو أحمد ذلك، لِمَا كان سلف منه من العبث وسفك الدماء، ثم اتصل به أنّ جماعة من أصحاب الخبيث قد استوحشوا لمنعة ذلك الشعرانيّ، فأجابه أبو أحمد إلى إعطائه الأمان؛ استصلاحًا بذلك غيرَه من أصحاب الفاسق، وأمر بتوجيه الشَّذَا إلى الموضع الذي واعدهم الشعرانيّ، ففعل ذلك، فخرج الشعرانيّ وأخوه وجماعة من قوّاده، فحملهم في الشذا، وقد كان الخبيث حرسَ به مؤخّر نهر أبي الخصيب، فحمله أبو العباس إلى الموفّق، فمن عليه، ووفّى له بأمانه، وأمر به فوُصل ووُصل أصحابه، وخلع عليهم، وحمل على عدّة أفراس بسروجها وآلتها، ونزَّله وأصحابه أنزالًا سنية، وضمه وإياهم إلى أبي العباس، وجعله في جملة أصحابه، وأمره بإظهاره في الشَّذَا لأصحاب الخائن ليزدادوا ثقة بأمانه؛ فلم يبرح