للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّذَا من موضعها من نهر أبي الخصيب، حتّى استأمن جمع كثير من قوّاد الزَّنج وغيرهم، فحمِلوا إلى أبي أحمد، فوصلهم وألحقهم في الخلع والجوائز بمن تقدّمهم.

ولما استأمن الشعرانيّ اختلّ ما كان الخبيث يضبط به من مؤخر عسكره، ووَهى أمرُه وضعف؛ فقلَّد الخبيث ما كان إلى الشعرانيّ من حفظ ذلك شِبل بن سالم، وأنزله مؤخّر نهر أبي الخصيب، فلم يُمسِ الموفّق من اليوم الذي أظهر فيه الشعرانيّ لأصحاب الخبيث حتى وافاه رسولُ شبْل بن سالم يطلب الأمان، ويسأل أن يوقف شَذَوات عند دار ابن سمعان؛ ليكون قصدُه فيمن يصحبه من قوّاده ورجاله في الليل إليها.

فأعطِيَ الأمانَ، ورُدّ إليه رسوله، ووُقِفَت له الشَّذَا في الموضع الذي سأل أن توقَف له؛ فوافاها في آخر الليل ومعه عياله وولده وجماعة من قوّاده ورجاله، وشهَر أصحابه سلاحَهم؛ وتلقّاهم قوم من الزَّنج قد كان الخبيث وجّههم لمنعه من المصير إلى الشَّذَا. وقد كان خبره انتهى إليه، فحاربهم شبل وأصحابُه، وقتلوا منهم نفرًا؛ فصاروا إلى الشَّذَا سالمين، فصِير بهم إلى قصر الموفّق بالموفقية، فوافاه وقد ابتلج الصبح؛ فأمر الموفّق أن يوصَل شبل بصلة جزيلة، وخلع عليه خلعًا كثيرة، وحمله على عدّة أفراس بسروجها ولجُمها.

وكان شبل هذا من عُدد الخبيث وقدماء أصحابه وذوي الغَناء والبلاء في نُصرته، ووصل أصحاب شبل، وخلع عليهم، وأسنِيت له ولهم الأرزاق والأنزال، وضُموا جميعًا إلى قائد من قوّاد غلمان الموفّق، ووُجّه به وبأصحابه في الشَّذَا، فوقفوا بحيث يراهم الخبيث وأشياعه، فعظم ذلك على الفاسق وأوليائه، لِمَا رأوْا من رغبة رؤسائهم في اغتنام الأمان، وتبين الموفّق من مناصحة شبل وجودة فهمه ما دعاه إلى أن يستكفِيَه بعض الأمور التي يكيد بها الخبيث؛ فأمره بتبييت عسكر الخبيث في جمع أمر بضمِّهم إليه من أبطال الزَّنْج المستأمنة، وأفرده وإيّاهم بما أمرهم به من البيات، لعلمهم بالمسالك في عسكر الخبيث.

فنفذ شبل لمَا أمِر به، فقصد موضعًا كان عرفه، فكبسه في السَّحَر، فوافَى به جمعًا كثيفًا من الزَّنْج في عدّة من قُوّادهم وحماتهم، قد كان الخبيث رتَّبهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>