للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمره ألَّا يقرأ الكتاب حتى يبلغ كذا وكذا: "ولا تُكرِهنَّ أحدًا من أصحابك على السَّير معك". فلمَّا قرأ الكتاب استرجع، ثم قال: سمعًا وطاعة لأمر الله ورسوله! فخَبَّرَهم بالخبر؛ وقرأ عليهم الكتاب، فرجع رجلان ومضى بقيَّتهم، فلقوا ابن الحضرميّ فقتلوه، ولم يدرُوا ذلك اليوم من رَجَب أو من جُمادى! فقال المشركون للمسلمين: فعلتم كذا وكذا في الشَّهر الحرام! فأتَوا النَّبى - صلى الله عليه وسلم -، فحدَّثوه الحديث، فأنزل الله عزّ وجلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ} إلى قوله: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} الفتنة هي الشِّرْك.

وقال بعض الذين -أظنُّه قال- كانوا في السريّة: والله ما قَتَله إلَّا واحدٌ؛ فقال: إن يكن خيرًا فقد وليتَ، وإنْ يكن ذنبًا فقد عمِلت (١). (٢: ٤١٥).

[ذكر بقية ما كان في السنة الثانية من سني الهجرة]

ومن ذلك ما كان من صرْف الله عزّ وجلّ قِبْلَةَ المسلمين من الشَّام إلى الكعبة، وذلك في السنة الثانية من مقدَم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المدينة في شعبان (٢). (٢: ٤١٥/ ٤١٦).

واختلف السَّلَف من العلماء في الوقت الذي صُرفت فيه من هذه السَّنة؛ فقال بعضهم -وهم الجمهور الأعظم-: صُرفت في النّصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرًا من مقدَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة (٣). (٢: ٤١٧).

ذكر من قال ذلك:

١٠٧ - حدَّثنا موسى بن هارون الهمدانيّ، قال: حدَّثَنا عمرو بن حَمَّاد،


(١) في إسناده مبهم.
(٢) ضعيف.
(٣) قلنا: لعل الطبري يعني بقوله: الجمهور الأعظم (جمهور المؤرخين) وأصحاب السير وحتى لو كان قصده كذلك فإنه لم يذكر سوى ثلاثة أحدهم متروك (الواقدي) وإلَّا فالروايات الصحيحة عند البخاري وغيره تخالف ما ذكره، وصدق الشافعي رحمه الله إذ يقول: ما من إمام حافظ إلا وذهبت عنه سنة من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولقد ناقش العربي هذه الروايات وعلق عليها بالتفصيل فراجعها هناك (صحيح السيرة ٢/ ٣٥٠). وتوصل إلى أن قول الجمهور هو اختيار النصف من رجب سنة ٢ هـ والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>