وفي هذه السنة اختفى إبراهيم بن المهديّ، وتغيّب بعد حربٍ بينه وبين حميد بن عبد الحميد، وبعد أن أطلق سعد بن سلامة من حبسه.
ذكر الخبر عن اختفائه والسبب في ذلك:
ذُكر أنّ سهل بن سلامة كان الناس يذكرون أنه مقتول، وهو عند إبراهيم محبوس؛ فلمّا صار حُميد إلى بغداد ودخلها أخرجه إبراهيم. وكان يدعو في مسجد الرُّصافة كما كان يدعو، فإذا كان الليل ردّه إلى حبسه؛ فمكث بذلك أيامًا، فأتاه أصحابه ليكونوا معه، فقال لهم: الزموا بيوتكم، فإني أرْزَأ هذا - يعني إبراهيم - فلما كان ليلة الإثنين لليلة خلت من ذي الحجّة خلى سبيله، فذهب فاختفى، فلما رأى أصحاب إبراهيم وقوّاده أن حُميدًا قد نزل في أرجاء عبد الله بن مالك، تحوّل عامّتُهم إليه، وأخذوا له المدائن؛ فلمّا رأى ذلك إبراهيم، أخرج جميع مَنْ عنده حتى يقاتلوا، فالتقوْا على جسر نهر ديَالى، فاقتتلوا، فهزمهم حُميد، فقطعوا الجسر، فتبعهم أصحابُه حتى أدخلوهم بيوت بغداد، وذلك يوم الخميس لانسلاخ ذي القعدة.
فلما كان يوم الأضحى أمر إبراهيم القاضيَ أن يصلِّيَ بالناس في عيساباذ، فصلّى بهم فانصرف الناس، واختفى الفضل بن الربيع، ثم تحوّل إلى حُميد، ثم تحوّل عليّ بن ريطة إلى عسكر حُميد، وجعل الهاشميون والقوّاد يلحقون بحُميد واحدًا بعد واحد؛ فلما رأى ذلك إبراهيم أسقِط في يديه، فشقّ عليه. وكان المطّلب يكاتب حميدًا على أن يأخذ له الجانب الشرقيّ، وكان سعيد بن الساجور وأبو البطّ وعبدويه وعدّة معهم من القواد يكاتبون عليّ بن هشام، على أن يأخذوا له إبراهيم؛ فلمّا علم إبراهيم بأمرهم وما اجتمع عليه كلّ قوم من أصحابه، وأنهم قد أحدقوا به، جعل يُداريهم؛ فلما جنّه الليل اختفى ليلة الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة من ثلاث ومائتين، وبعث المطلب إلى حُميد يعلمه أنه قد أحدق بدار إبراهيم هو وأصحابه؛ فإن كان يريده فليأته.
وكتب ابن الساجور وأصحابه إلى عليّ بن هشام، فركب حُميد من ساعته؛ وكان نازلًا في أرجاء عبد الله، فأتى باب الجسر، وجاء عليّ بن هشام حتى نزل