وفي هذه السنة تحرّك ببغداد قومٌ في رَبَض عمرو بن عطاء، فأخذوا على أحمد بن نصر الخُزاعيّ البيعة.
* ذكر الخبر عن سبب حركة هؤلاء القوم وما آل إليه أمرهم وأمر أحمد بن نصر:
وكان السبب في ذلك أنّ أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخُزاعيّ - ومالك بن الهيثم أحد نقباء بني العبّاس، وكان ابنه أحمد يغْشاه أصحاب الحديث؛ كيحيى بن مَعين وابن الدَّوْرَقيّ وابن خَيْثمة، وكان يُظهر المباينة لمن يقول: القرآن مخلوق؛ مع منزلة أبيه كانت من السلطان في دولة بني العباس، ويبسط لسانه فيمن يقول ذلك، مع غِلْظة الواثق كانت على من يقول ذلك وامتحانه إياهم فيه، وغلبة أحمد بن أبي دواد عليه - فحدثني بعض أشياخنا، عمّن ذكره، أنه دخل على أحمد بن نصر في بعض تلك الأيام وعنده جماعة من الناس، فذُكر عنده الواثق، فجعل يقول: ألا فعل هذا الخنزير! أو قال: هذا الكافر: وفشا ذلك من أمره، فخُوّف بالسلطان، وقيل له: قد اتصل أمرُك به، فخافه.
وكان فيمن يغشاه رجل - فيما ذكر - يعرف بأبي هارون السرّاج وآخر يقال له طالب، وآخر من أهل خُراسان من أصحاب إسحاق بن إبراهيم بن مُصعب صاحب الشرْطة ممّن يظهر له القول بمقالته، فحرّك المطيفون به - يعني أحمد بن نصر - من أصحاب الحديث، وممّن ينكر القول بخلْق القرآن من أهل بغداد - وحملوه على الحركة لإنكار القول بخلْق القرآن، وقصدوه بذلك دون غيره؛ لما كان لأبيه وجدّه في دولة بني العباس من الأثرَ، ولمّا كان له ببغداد، وأنه كان أحدَ مَنْ بايع له أهل الجانب الشرقيّ على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسمع له في سنة إحدى ومائتين، لمَّا كثر الدّعَّار بمدينة السلام، وظهر بها
(١) وقال ابن قتيبة الدينوري: وقتل أحمد بن نصر بالمحنة لليلتين بقيتا من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين [المعارف/ ٢٠٠] وانظر تعليقنا [٩/ ١٤٠/ ٢٩١].