للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= إراقة هذه الدماء علمًا بأن إمامة هؤلاء لا تصح عند ابن حزم وغيره من المتقدمين والذهبي وغيره من المتأخرين.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: فلما مات يزيد بن معاوية وابنه معاوية بن يزيد من بعده قريبًا استفحل أمر عبد الله بن الزبير جدًّا وبويع له بالخلافة في جميع البلاد الإسلامية وبايع له الضحاك بن قيس بدمشق وأعمالها ولكن عارضُه مروان بن الحكم في ذلك وأخذ الشام ومصر من نواب ابن الزبير ثم جهز السرايا إلى العراق. [البداية والنهاية (٧/ ١٥٠)].
وأما الإمام الذهبي فهو يرى أن مروان هو الخارج على الخليفة ابن الزبير ولا تصح إمامة عبد الملك بن مروان إلَّا من بعد مقتل ابن الزبير رضي الله عنه. قال الذهبي رحمه الله: عبد العزيز بن مروان أمير مصر وولي عهد المؤمنين بعد أخيه عبد الملك بعهد من مروان إن صححنا خلافة مروان فإنه خارج على ابن الزبير باغٍ فلا يصح عهده إلى ولديه إنما تصح أمامة عبد الملك من يوم مقتل ابن الزبير. [تاريخ الإسلام (٣/ ١٣٣)].

حادثة احتراق الكعبة وبناؤها من جديد على أصولها الإبراهيمية في إمارة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه
أخرج مسلم في صحيحه كتاب الحج (ح ٤٠٢/ ١٣٣٣):
عن عطاء، قال: لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية، حين غزاها أهل الشام، فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير، حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجزئهم -أو يحربهم- على أهل الشام، فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس، أشيروا علي في الكعبة، أنقضها ثم أبني بناءها، أو أصلح ما وهي منها؟ قال ابن عباس: فإني قد فرق لي رأي فيها، أرى أن تصلح ما وهى منها، وتدع بيتًا أسلم الناس عليه، وأحجارًا أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال ابن الزبير: لو كان أحدكم احترق بيته، ما رضي حتى يجدده، فكيف بيت ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثًا، ثم عازم على أمري، فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها، فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء، حتى صعده رجل فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا، فنقضوه حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة، فستر عليها الستور، حتى ارتفع بناؤه، وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة تقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أن الناس حديثٌ عهدهم بكفر، وليس عندي من النفقة ما يُقَوِّي على بنائه، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع، ولجعلت لها بابًا فيدخل الناس منه، وبابًا يخرجون منه".
قال: فأنا اليوم أجد ما أنفق، ولست أخاف الناس، قال: فزاد فيه خمسة أذرع من الحجر حتى أبدى أُسًّا نظر الناس إليه، فبنى عليه البناء، وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعًا، فلما زاد فيه استقصره، فزاد في طوله عشر أذرع، وجعل له بابين: أحدهما يُدخل منه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>