للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد نقضت الخلافة، وبعثتَ فتنة، ومات ابن مارِمّة في تلك الأيام؛ فقال أبو عليّ اليمامي الحنفيّ في شخوص المستعين إلى بغداد:

ما زَالَ إلَّا لزوالِ مُلكهِ ... وحتفِهِ من بعده وهُلكِهِ

ومنع الأتراك الناس من الانحدار إلى بغداد، فُذكر أنهم أخذوا ملَّاحًا قد أكرى سفينته، فضربوه مئتي سوط، وصلبوه على دَقَل سفينته، فامتنع أصحاب السفن من الانحدار إلَّا سرًّا أو بمؤنة ثقيلة.

* * * *

[وقوع الفتنة ببغداد بين أهلها وبين جند السلطان] (١)

وفي هذه السنة هاجت الفتنة ووقعت الحرب بين أهل بغداد وجند السلطان الذين كانوا بسامرّا، فبايع كلُّ من كان بسامُرّا منهم المعتزّ، وأقام من ببغداد منهم على الوفاء ببيعة المستعين.

* ذكر الخبر عن سبب هيج هذه الفتنة، وسبب بيعة من كان بسامرّا من الجند المعتزَّ وخلعهم المستعين، ونصبهم الحرب لمن أقام على الوفاء ببيعته:

قال أبو جعفر: قد ذكرنا قبلُ موافاةَ المستعين وشاهك الخادم ووصيف وبُغا وأحمد بن صالح بن شير زاد بغداد؛ وكانت موافاتهم إياها يوم الأربعاء لثلاث ساعات مضيْن من النهار لأربعة أيام - وقيل لخمسة أيام - خلوْن من المحرّم من هذه السنة؛ فلما وافاها، نزل المستعين على محمد بن عبد الله بن طاهر في داره، ثم وافى بغداد خليفة لوصيف على أعماله، يعرف بسلام، فاستعلم ما عنده، ثم انصرف راجعًا إلى منزله بسامرّا، فوافى القوّاد خلا جعفر الخياط وسليمان بن يحيى بن معاذ بغداد مع جِلّة الكتاب والعمال وبني هاشم، ثم وافَى بعد ذلك من قوّاد الأتراك الذين في ناحية وصيف: كلباتكين القائد وطيْغج


(١) هذا العنوان بداية أخبار مطولة في ذكر فتنة شعواء حصلت في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الأمة تنتهي في (٩/ ٣٤٨) وهذه الصفحات (٢٨٢ - ٣٤٥). مليئة بتفاصيل انفرد الطبري بذكرها من بين المؤرخين المتقدمين الثقات وقد ذكرها ابن الجوزي مختصرًا (المنتظم / ١٢/ ٤٣ - ٤٩).
ولا نستطيع الجزم بصحتها من عدمها وانظر تعليقاتنا الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>