للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخليفة، تركيّ، وابن عجوز الخليفة، نَسائيّ؛ وممّن في ناحية بُغا بايكباك القائد من غلمان الخدمة مع عدّة من خلفاء بُغا.

وكان - فيما ذكر - وجّه إليهم وصيف وبُغا قبل قدومهم رسولًا، يأمرانهم أن يصيرُوا إذا قدموا بغداد إلى الجزيرة التي حِذاء دار محمد بن عبد الله بن طاهر، ولا يصيروا إلى الجِسْر، فيُرعبوا العامة بدخولهم، ففعلوا وصاروا إلى الجزيرة، فنزلوا عن دوابهم، فوجِّهَتْ إليهم زواريق حتى عبروا فيها، فصعد كلباتكين وبايكباك والقوّاد من أهل الدور وأرناتجور التركيّ، فدخلوا على المستعين، فرموْا بأنفسهم بين يديه، وجعلوا مناطقهم في أعناقهم تذلُّلًا وخضوعًا، وكلموا المستعين وسألوه الصَّفْح عنهم والرِّضا، فقال لهم: أنتم أهل بَغْي وفساد واستقلال للنعم؛ ألم ترفعوا إليّ في أولادكم، فألحقتهم بكم، وهم نحو من ألفيْ غلام، وفي بناتكم فأمرت بتصييرهنّ في عداد المتزوّجات وهنّ نحو من أربعة آلاف امرأة في المدّركين والمولودين؛ وكلّ هذا قد أجبتكم إليه، وأدرَرْت لكم الأرزاق حتى سبكتُ لكم آنية الذهب والفضة، ومنعتُ نفسي لذّتها وشهوتها؛ كلُّ ذلك إرادةً لصلاحكم ورضاكم؛ وأنتم تزدادون بَغْيًا وفسادًا وتهدُّدًا وإبعادًا (١)!

فتضرَّعوا، وقالوا: قد أخطأنا وأمير المؤمنين الصّادق في كلِّ قوله ونحن نسأله العفو عنا والصّفْح عن زَلّتنا؛ فقال المستعين: قد صفحت عنكُم ورضيت، فقال له بايكباك: فإن كنتَ قد رضيت عنا وصفحت، فقم فاركب معنا إلى سامُرّا؛ فإنّ الأتراك ينتظرونك؛ فأومأ محمد بن عبد الله إلى محمد بن أبي عون، فلكز في حَلْق بايكباك، وقال له محمد بن عبد الله: هكذا يقال لأمير المؤمنين؛ قُمْ فاركب معنا؛ فضحك المستعين من ذلك، وقال: هؤلاء قوم عَجَم؛ ليس لهم معرفة بحدُود الكلام، وقال لهم المستعين، تصيرون إلى سامُرّا، فإنَّ أرزاقكم دارّة عليكم، وانظر في أمري هاهنا ومقامي.

فانصرفوا آيسين منه، وأغضبهم ما كان من محمد بن عبد الله، وأخبروا مَنْ وردوا عليه من الأتراك خبرهم، وخالفوا فيما ردّ عليهم تحريضًا لهم على خلعه


(١) مثل هذه التفاصيل وضمنها لا يثبت إلَّا بإسناد صحيح فكيف يعتمد عليه ولا إسناد له؟ (فيما ذكر).

<<  <  ج: ص:  >  >>