وفي هذه السنة قَتل أبو مسلم عليًّا وعثمان ابني جُديع الكِرمانيّ.
*ذكر سبب قتل أبي مسلم إياهما:
وكان السبب في ذلك - فيما قيل: أن أبا مسلم كان وجّه موسى بن كعب إلى أبيوَرْد فافتتحها، وكتب إلى أبي مسلم بذلك، ووجّه أبا داود إلى بَلْخ وبها زياد بن عبد الرحمن القُشيريّ، فلما بلغه قَصْد أبي داود بلْخ خرج في أهل بلْخ والترمذ وغيرهما، من كُورطُخارستان إلى الجُوزجان، فلما دنا أبو داود منهم، انصرفوا منهزمين إلى التِّرمذ، ودخل أبو داود مدينة بلْخ، فكتب إليه أبو مسلم يأمره بالقدوم عليه، ووجّه مكانه يحيى بن نعيم أبا الميلاء [على بلخ، فخرج] أبو داود، فلقيه كتاب من أبي مسلم يأمره بالانصراف، فانصرف، وقدم عليه أبو الميلاء؛ فكتاب زيادَ بن عبد الرحمن يحيى بن نعيم أبو الميلاء أن يصير أيديهم واحدة، فأجابه، فرجع زياد بن عبد الرحمن القشيريّ ومسلم بن عبد الرحمن بن مسلم الباهليّ وعيسى بن زُرْعة السُّلميّ وأهل بلْخ والترمذ وملوك طخارستان، وما خلْف النهر وما دونه، فنزل زياد وأصحابه على فرسخ من مدينة بلْخ، وخرج إليه يحيى بن نعيم بمَن معه حتى اجتمعوا، فصارت كلمتهم واحدة، مضريّهم ويمانيهم وربَعيُّهم ومَن معهم من الأعاجم على قتال المسوّدة، وجعلوا الولاية عليهم لمقاتل بن حيّان النبَطيّ؛ كراهة أن يكون من الفرق الثلاثة، وأمر أبو مسلم أبا داود بالعود، فأقبل أبو داود بمَن معه حتى اجتمعوا على نهر السّرجَنان، وكان زياد بن عبد الرحمن وأصحابه قد وجّهوا أبا سعيد القرشيّ مسلحةً فيما بين العود وبين قرية يقال لها أمديان؛ لئلا يأتيهم أصحاب أبي داود من خلفهم، وكانت أعلام أبي سعيد وراياته سودًا، فلما اجتمع أبو داود وزياد وأصحابهما، واصطفوا للقتال، أمر أبو سعيد القرشيُّ أصحابَه أن يأتوا زيادًا وأصحابه مِنْ خلفهم، فرجع وخرج عليهم من سكة العود وراياته سود، فظنّ أصحاب زياد أنهم كَمِين لأبي داود، وقد نشب القتال بين الفريقين، فانهزم زياد ومَن معه، وتبعه أبو داود، فوقع عامة أصحاب زياد في نهر السرجنان، وقتل عامة رجالهم المتخلّفين، ونزل أبو داود عسكرهم،