أتاهمْ بعد مَسْغَبَةٍ وجَهْدٍ ... وقد صَفِرَ الشِّتاءُ من الدُّخانِ
فإنِّي لا يَذُمُّ الجيشُ فِعْلي ... ولا سَيْفي يُذَمُّ ولا سِناني
غَداةَ أُدَفِّعُ الأوْباشَ دَفْعًا ... إلى السِّندِ العَريضةِ والمَداني
ومِهْرانٌ لنا فيما أرَدْنا ... مطيعٌ غَيْرَ مُسْتَرْخي العِنان
فلَوْلا ما نهى عنه أميري ... قطَعناه إلى البُدُدِ الزَّواني
خبر بَيْرُوذ من الأهواز
قالوا: ولما فَصلت الخيول إلى الكُور؛ اجتمع بِبَيْروذ جمعٌ عظيم من الأكراد وغيرهم، وكان عمر قد عهد إلى أبي موسى حين سارت الجنود إلى الكُور أن يسير حتى ينتهي إلى ذِمّة البصرة، كي لا يؤتَى المسلمون من خَلْفهم، وخشيَ أن يُسْتلحم بعضُ جنوده، أو ينقطع منهم طرَف، أو يخلَفوا في أعقابهم؛ فكان الذي حذر من اجتماع أهل بيروذ؛ وقد أبطأ أبو موسى حتى تجمعوا، فخرج أبو موسى حتى ينزِل ببَيْروذ على الجمْع الذي تجمّعوا بها في رمضان، فالتقَوْا بين نهر نيري ومناذر؛ وقد توافَى إليها أهلُ النَّجدات من أهل فارس والأكراد؛ ليكيدوا المسلمين، وليُصيبوا منهم عَوْرة ولم يشكّوا في واحدة من اثنتين. فقام المهاجر بن زياد وقد تحنّط واستقتل، فقال لأبي موسى: أقسِمْ على كلّ صائم لَمّا رجع فأفطر. فرجع أخوه فيمن رجع لإبرار القسَم، وإنما أراد بذلك توجيه أخيه عنه لئلا يمنعه من الاستقتال؛ وتقدّم فقاتل حتى قتِل، ووهّن الله المشركين حتى تحصّنوا في قِلّة وذلّة؛ وأقبل أخوه الربيع، فقال: هَيْىْءَ يا والع الدنيا؛ واشتدّ جزعُه عليه؛ فرقّ أبو موسى للربيع للذي رآه دخله مِن مصاب أخيه، فخلّفه عليهم في جُند؛ وخرج أبو موسى حتى بلَغ أصبهان، فلقِيَ بها جنودَ أهل الكوفة محاصري جَيّ، ثم انصرف إلى البصرة؛ بعد ظفر الجنود، وقد فتح الله على الرّبيع بن زياد أهل بيروذ من نهر تيري؛ وأخذ ما كان معهم من السَّبْي، فتنقّى أبو موسى رجالًا منهم ممن كان لهم فداء - وقد كان الفداء أردّ على المسلمين من أعيانهم وقيمتهم فيما بينهم - ووفّد الوفود والأخماس؛ فقام رجل من عَنَزة فاستوفده؛ فأبى؛ فخرج فسعى به فاستجلبه عمر، وجمع بينهما فوجد أبا موسى أعذَر إلّا في أمر خادمه، فضعّفه فردّه إلى عمله، وفجّر الآخر؛ وتقدّم إليه في ألّا