للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِيقي، فإنه ليس جواد إلا له كَبْوة، ولا شجاعٌ إلا له هَبْوة، قال الحجّاج: كلا والله لأُرِينّك جهنّم، قال: فأرِحْني فإنّي أجد حَرَّها، قال: قدّمْه يا حَرسِيّ فاضربْ عنقَه، فلما نظر إليه الحجّاج يتشحَّط في دمِه قال: لو كنّا تركْنا ابنَ القِرية حتى نَسمَع من كلامه! ثمّ أمر به فأخرج فرُمِيَ به.

قال هشام: قال عَوانة: حين مَنَع الحجاجُ من الكلام ابنَ القِريّة، قال له ابنُ القِريَّة: أما واللهِ لو كنتُ أنا وأنت على السوّاء لسكنا جميعًا, أو لألْفَيْتَ مَنِيعًا. (٦/ ٣٨٥ - ٣٨٦).

[[فتح يزيد بن المهلب قلعة نيزك بباذغيس]]

وفي هذه السنة فتح يزيد بن المهلب قلعة نيزك بباذغيس.

* ذكر سبب فتحه إياها:

ذكَر عليّ بنُ محمد عن المفضّل بن محمد، قال: كان نِيزَك يَنزل بقَلْعة باذغيس، فتحيّن يزيدُ غزوَه، ووَضع عليه العيون، فبلغه خروجُه، فخالفه يزيدُ إليها، وبلغ نيزك فرجع، فصالَحه على أن يدفع إليه ما في القلعة من الخزائن، ويرتحِل عنها بعِياله، فقال كَعْب بنُ معْدانَ الأشقَريّ:

وباذَغيسُ التي مَن حل ذُرْوتَها ... عزَّ الملوكَ فإِن شَا جَار أَوْ ظَلما

مَنيعةٌ لم يَكِدْها قبله ملكٌ ... إلا إذا وَاجَهَتْ جيشًا له وجَما

تخَالُ نيرانها من بُعد منظرها ... بعضَ النّجوم إذا ماليلُها عَتما

لمّا أَطافَ بها ضاقتْ صدورهُمُ ... حتى أقرّوا له بالحُكم فاحتكما

فذلَّ ساكِنُها من بَعدِ عِزَّتهِ ... يُعطي الجِزَى عارفًا بالذل مُهتضَما

وبعد ذلك أَيامًا نعدّدها ... وقبلها ما كَشَفْتَ الكرب والظلما

أَعطاك ذاك وليُّ الرزق تقْسِمُهُ ... بين الخلائق والمحرومُ من حُرما

يداك إحداهما تُسقي العدو بها ... سَمًّا وأُخرى نداها لم يزَلْ دِيَمَا

فهل كَسَيْبِ يزيدَ أَوْ كنائلهِ ... إِلا الفراتُ وإلا النِّيلُ حين طَما

ليسا بأجود منه حينَ مَدِّهِما ... إذ يعلوَانِ حداب الأرض والأَكَما

وقال:

ثنائي على حيِّ العتيك بأَنَّها ... كِرامٌ مقاريها، كِرامٌ نصابُها

<<  <  ج: ص:  >  >>