قال: وكسا أميرُ المؤمنين عيسى وابنه موسى وغيره من ولدِه كُسوة بقيمة ألف ألف درهم ونيّف ومائتي ألف درهم.
ثم دخلت سنة خمسين ومائة ذكر الخبر عمّا كان فيها من الأحداث
فذُكِر أن معاوية بن عبيد الله وزير المهديّ كان يوهن أمر خازم، والمهديّ يومئذ بنيسابور، وكان معاوية يخرج الكتب إلى خازم بن خزيمة وإلى غيره من القوّاد بالأمر والنهي، فاعتلّ خازم وهو في عسكره، فشرب الدواء ثم ركب البريد، حتى قدم على المهديّ بنيسابور، فسلّم عليه واستخلاه - وبحضرته أبو عبيد الله - فقال المهديّ: لا عَيْقَ عليك من أبي عبيد الله، فقلْ ما بدا لك؛ فأبى خازم أن يخبرَه أو يكلّمه، حتى قام أبو عبيد الله، فلمّا خلا به شكا إليه أمرَ معاوية بن عبيد الله، وأخبره بعصبيّته وتحامُلِه، وما كان يرد من كُتبه عليه وعلى مَنْ قبلَه من القواد، وما صاروا إليه بذَلك من الفساد والتأمّر في أنفسهم، والاستبداد بآرائهم، وقلّة السمع والطاعة. وأنّ أمر الحرب لا يستقيم إلّا برأس؛ وألّا يكون في عسكره لواء يخفِق على رأس أحد إلّا لواؤه أو لواء هو عقدَه، وأعلمه أنه غير راجع إلى قتال أستاذسيس ومَنْ معه إلا بتفويض الأمر إليه وإعفائه من معاوية بن عبيد الله؛ وأن يأذن له في حَلّ ألوية القوّاد الذين معه، وأن يكتب إليهم بالسمع له والطاعة. فأجابه المهديّ إلى كلّ ما سأل.
فانصرف خازم إلى عسكره، فعمل برأيه، وحلّ لواء مَنْ رأى حلّ لوائه من القوّاد، وعقد لواء لمن أراد، وضمّ إليه مَنْ كان انهزم من الجنود، فجعلهم حشوًا يكثر بهم مَنْ معه في أخرَيات الناس، ولم يقدّمهم لما في قلوب المغلوبين من رَوْعة الهزيمة؛ وكان من ضُمّ إليه من هذه الطبقة اثنين وعشرين ألفًا، ثم انتخب ستة آلاف رجل من الجند، فضمهم إلى اثني عشر ألفًا كانوا معه متخيّرين؛ وكان بكّارُ بن مسلم العُقَيلي فيمن انتخب، ثم تعبّأ للقتال وخندق. واستعمل الهيثم بن شحعبة بن ظهير على ميمنته، ونهار بن حصين السعديّ على ميسرته؛ وكان بكّار بن مسلم العقيليّ على مقدّمته وتُرارخُدا على ساقته؛ وكان من أبناء ملوك أعاجم خُراسان؛ وكان لواؤه مع الزِّبْرقان وَعلمه مع مولاه بسَّام،