للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: قتِل بعد ما انصرف من الريّ، وقد أخذ الجائزة.

وذكر عن الوليد بن محمد العنبريّ أنّ سبب إجابة عيسى أبا جعفر إلى تقديم المهديّ عليه كان أن سلم بن قتيبة قال له: أيّها الرجل بايع، وقدّمه على نفسك، فإنك بن تخرج من الأمر، قد جعل لك الأمر من بعدِه وتُرضِي أمير المؤمنين. قال: أوَ تَرَى ذلك؟ قال: نعم، قال: فإنّي أفعل، فأتى سلْم المنصورَ فأعلمه إجابة عيسى، فسُرّ بذلك وعظُم قدْر سَلْم عنده. وبايع الناس للمهديّ ولعيسى بن موسى مِن بعده. وخطب المنصور خطبته التي كان فيها تقديم المهديّ على عيسى، وخطب عيسى بعد ذلك فقدّم المهديَّ على نفسه، ووفى له المنصور بما كان ضمن له.

وقد ذكر عن بعضِ صحابة أبي جعفر أنه قال: تذاكرْنا أمرَ أبي جعفر المنصور وأمْرَ عيسى بن موسى في البَيْعة وخلْعه إياها من عنقه وتقديمَه المهديّ، فقال لي رجل من القوّاد سماه: والله الذي لا إله غيره؛ ما كان خَلْعهُ إياها منه إلا برضًا من عيسى وركونٍ منه إلى الدّراهم، وقلة علمه بقَدْر الخلافة، وطلبًا للخروج منها؛ أتى يومَ خرج للخلع فخلع نفسه، وإني لفي مقصورة مدينة السَّلَام، إذ خرج علينا أبو عُبيد الله كاتب المهديّ، في جماعة من أهل خُراسان، فتكلم عيسى، فقال: إني قد سلّمت ولايةَ العهد لمحمد بن أمير المؤمنين، وقدّمتُه على نفسي، فقال أبو عبيد الله: ليس هكذا أعزّ الله الأمير؛ ولكن قُلْ ذلك بحقّه وصدقِه؛ وأخبرْ بما رغبتَ فيه؛ فأعطِيت، قال: نعم، قد بعتُ نصيبي من تقدمة ولاية العهد مِنْ عبد الله أمير المؤمنين لابنه محمد المهديّ بعشرة آلاف ألف درهم وثلاثمائة ألف بين ولدي فلان وفلان وفلان - سمّاهم - وسبعمائة ألف لفلانة امرأة من نِسائه - سمّاها - بطيب نفسٍ مني وحبّ، لتصييرها إليه، لأنه أولى بها وأحقّ، وأقوى عليها وعلى القيام بها؛ وليس لي فيها حقٌّ لتقدمته، قليل ولا كثير؛ فما ادّعيتُه بعد يومي هذا فأنا فيه مُبطِلٌ لا حقّ لي فيه ولا دعوى ولا طلبة. قال: والله وهو في ذلك، ربما نسي الشيء بعد الشيء فيوقفه عليه أبو عُبيد الله؛ حتى فرغ، حبًّا للاستيثاق منه. وختم الكتاب وشهد عليه الشهود وأنا حاضر؛ حتى وضع عليه عيسى خطَّه وخاتَمه، والقوم جميعًا؛ ثم دخلوا من باب المقصورة إلى القَصْر.

<<  <  ج: ص:  >  >>