فيزعمون - والله أعلم -: أنّ الله أحيا أولئك الموتى الذين قتِلوا، فلحقوا بهم.
ثم إنهم لما دخلوا الشأم دخلوها وليس معهم عهد من الله؛ كانت التوراة قد استُبِيتْ منهم فحرقت وهلكت، وكان عُزَير من السبايا الذين كانوا ببابل فرجع إلى الشأم يبكي عليها ليله ونهاره، قد خرج من الناس فتوحّد منهم؛ وإنما هو ببطون الأودية وبالفلوات يبكي؛ فبينما هو كذلك في حزنه على التوراة وبكائه عليها، إذ أقبل إليه رجل وهو جالس، فقال: يا عُزَير! ما يبكيك؟ قال: أبكي على كتاب الله وعهده، كان بين أظهرِنا فبلغتْ بنا خطايانا، وغضب ربنا علينا أن سلّط علينا عدوَّنا، فقتل رجالنا، وأخرب بلادنا، وأحرق كتاب الله الذي بين أظهرنا؛ الذي لا يصلح دنيانا وآخرتنا غيره -أو كما قال- فعلامَ أبكي إذا لم أبك على هذا! قال: أفتحبّ أن يُرَدَّ ذلك عليك؟ قال: وهل إلى ذلك من سبيل؟ قال: نعم ارجع فصُمْ وتطهّر وطهّر ثيابك، ثم موعدك هذا المكان غدًا. فرجع عُزَير فصام وتطهّر وطهّر ثيابه، ثم عمِد إلى المكان الذي وُعِده، فجلس فيه، فأتاه ذلك الرجل بإناء فيه ماء - وكان مَلَكًا بعثه الله إليه - فسقاه من ذلك الإناء، فمثلت التوراة في صدره، فرجع إلى بني إسرائيل، فوضع لهم التوارة يعرفونها بحلالها، وحرامها، وسننها، وفرائضها، وحدودها، فأحبّوه حبًّا لم يحبوه شيئًا قطّ، وقامت التوراة بين أظهرهم، وصلَح بها أمرهم، وأقام بين أظهرهم عُزَير مؤديًا لحقّ الله، ثم قبضه الله على ذلك، ثم حدثت فيهم الأحداث حتى قالوا لعزير: هو ابن الله، وعاد الله عليهم فبَعث فيهم نبيًّا كما كان يصنع بهم، يسدّد أمرهم، ويعلّمهم، ويأمرهم بإقامة التوراة وما فيها.
وقال جماعة أخر عن وهب بن منبّه في أمر بختنصَّر وبني إسرائيل وغزوه إياهم أقوالًا غير ذلك، تركنا ذكرها كراهة إطالة الكتاب بذكرها (١). (١: ٥٤٨ - ٥٥٧).
[ذكر خبر غزو بختنصر للعرب]
٧٧٦ - حُدّثت عن هشام بن محمد، قال: كان بدء نزول العرب أرضَ العراق، وثبوتهم فيها، واتخاذهم الحيرة والأنبار منزلًا -فيما ذكر لنا والله