أصحاب بُندار نحو من خمسين رجلًا - وقيل مئة رجل - انحازوا عن الوقْعَة عند اشتغال الخوارج بمَنْ كانوا يقتطعون منهم، وانتهى خبرُه إلى مظفَّر وهو مقيم بالدّسْكرة، فتنحَّى من الدَّسكرة إلى ما قَرُب من بغداد، ووصل خبرُ مقتله إلى محمد بن عبد الله بغدِ الفِطْر، فذُكِر أنه لم يشرب ولم يَلْهُ - كما كان يفعل - غمًّا بما ورد عليه من مقتَله، ثم مضى مُساور من فوره إلى حُلوان؛ فخرج إليه أهلها فقاتلوه، فقتل منهم أربعمئة إنسان، وقتلوا جماعة من أصحاب الشارِي، وقُتِل عدّةٌ من حجَّاج خراسان كانوا بحُلوَان، فأعانوا أهلَ حُلْوان، ثم انصرفوا عنهم.
* * *
[ذكر خبر موت محمد بن عبد الله بن طاهر](١)
وليلة أربع عشرة من ذي القعدة منها، انخسف القمر؛ فغرِق كله أو غاب أكثره؛ ومات محمد بن عبد الله بن طاهر مع انتهاء خسوفه - فيما ذكر - وكانت علّته التي مات فيها قروحًا أصابته في حَلْقِه ورأسه فذبحته، وذكر أن القروح التي كانت في حَلْقه ورأسه كانت تدخل فيها الفتائل؛ فلما مات تنازع الصلاةَ عليه أخوه عُبيد الله وابنه طاهر؛ فصلّى عليه ابنُه، وكان أوصى بذلك - فيما قيل.
ثم وقع بين عبيد الله بن عبد الله أخي محمد بن عبد الله وبين حشم محمد بن عبد الله تنازعٌ حتى سلوا السيوف عليه، ورُمي بالحجارة، ومالت الغوغاء والعامة وموالي إسحاق بن إبراهيم مع طاهر بن محمد بن عبد الله بن طاهر، ثم صاحوا: طاهر يا منصور؛ فعبَر عبيدُ الله إلى ناحية الشرقية إلى داره، ومال معه القوّاد لاستخلاف محمد بن عبد الله كان إياه على أعماله ووصيّته بذلك، وكتابه بذلك إلى عمّاله، ثم وجّه المعتزّ الخلع وولاية بغداد إلى عبيد الله، وأمر عبيد الله للذي أتاه بالخلع من قِبَل المعتزّ فيما قيل بخمسين ألف درهم.
* * *
نسخة الكتاب الذي كتبه محمد بن عبد الله إلى عمّاله باستخلافه أخاه عبيد الله بعده:
أما بعد فإنّ الله عزّ وجلّ جعل الموت حَتْمًا مقضيًّا جاريًا على الباقين من