فيها مَشَى بأصحابه، فأخذَ لا يَستقبل من أحراسِهم أحدًا، إلَّا قتلَه، وكَبَّر، ففزع أهلُ المدينة فَزَعًا لم يَدخُلهم مِثلُه قطّ فيما مضى، فلم يَرعهم، إلَّا والمسلمون معهم في مَدينتهم يكبّرون فدُهِشوا، فألقَى اللهُ في قلوبهم الرّعب، وأقبَلوا لا يَدْرون أي يتوجّهون! غيرَ أنّ عِصابة منهم ليسوا بالكثير قد أقبلوا نحو جَهْم بن زَحْر، فقَاتَلوا ساعة، فدُقت يدُ جَهْم، وصبر لهم هو وأصحابُه، فلم يُلبثوهم أنّ قتلوهم إلَّا قليلًا، وسمع يزيدُ بنُ المهلب التكبيرَ، فوَثَب في الناس إلى الباب، فوجدوهم قد شَغلَهم جَهْم بن زَحْر عن الباب، فلَم يجدْ عليه من يمنعُه ولا مَن يَدفع عنه كبير دَفع، ففتَح الباب ودخَلَها من ساعته، فأخرَج من كان فيها من المُقاتِلة، فنَصب لهم الجُذوعَ فرْسَخين عن يمين الطريق ويسارِه، فصَلَبهم أربعةَ فراسخ، وسَبَى أهلَها، وأصاب ما كان فيها (١). (٦/ ٥٤٣ - ٥٤٤).
قال أبو جعفر: وفي هذه السنة توفّي أيوب بنُ سليمانَ بن عبد الملك، فحدّثت عن عليّ بن محمد، قال: حدثنا عليّ بن مجاهد، عن شيخِ من أهل الرّيّ أدرَكَ يزيدَ، قال: أتَى يزيدُ بن المهلب الرّي حين فَرَغ من جُرْجان، فبلغه وفاةُ أيوب بن سليمان وهو يسيرُ في باغ أبي صالح على بابِ الرّي، فارتجز راجزٌ بين يَدْيه، فقال:
إن يَك أَيّوبُ مَضَى لشانِهِ ... فإِنَ داودَ لفِي مَكانِهِ
يقيمُ ما قدْ زَال مِنْ سُلْطَانِهِ (٦/ ٥٤٥)
[ثم دخلت سنة تسع وتسعين ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]
[وفاة سليمان بن عبد الملك]
وقال عليّ: قال المفضَّل بنُ المهلَّب: دخلتُ على سليمانَ بدابِقَ يومَ جمعة، فدعا بثياب فلبسها، فلم تعجبه، فدعا بغيرها بثياب خُضْر سُوسيّة بَعَث بها يزيدُ بن المهلب، فلبسها واعتمّ وقال: يا بن المهلَّب، أعجبتْك؟ قلتُ: نعَم،