فحَسَر عن ذراعَيه ثمّ قال: أنا المَلِك الفَتِيّ، فصلَّى الجُمعة، ثمّ لم يُجمّع بعدَها، وكتب وصِيّته، ودَعا ابنَ أبي نُعَيم صاحب الخاتَم فختَمه. (٦/ ٥٤٦ - ٥٤٧).
قال عليّ: قال بعضُ أهل العِلم: إن سليمانَ لبس يومًا حُلة خضراء وعمامةً خضراء ونظَرَ في المرآة فقال: أنا المَلِك الفَتِيّ، فما عاشَ بعد ذلك إلَّا أسبوعًا. (٦/ ٥٤٧).
قال علي: وحدّثنا سُحَيم بن حَفْص، قال: نظرتْ إلى سليمانَ جاريةٌ له يومًا، فقال: ما تنظرين؟ فقالت:
أنتَ خَيْرُ المَتَاعِ لو كنتَ تبْقَى ... غيْرَ أَنْ لا بَقَاء للإنسَانِ
لَيْسَ فيما عَلمْتُهُ فيكَ عَيْبٌ ... كانَ في الناس غيْرَ أَنَّكَ فان
فَنَفض عمامتَه. (٦/ ٥٤٧).
قال عليّ: كان قاضِي سليمانَ سليمانُ بنُ حَبيب المحاربيّ، وكان ابن أبي عُيَيْنة يُقصّ عندَه. (٦/ ٥٤٧).
وحُدِّثْتُ عن أبي عُبيدة، عن رُؤْبة بن العَجاج، قال: حجّ سليمان بنُ عبد الملك، وحجّ الشعراء معه، وحججتُ معهم، فلما كان بالمدينة راجعًا تَلَقّوه بنحو من أربعمئة أسير من الرُّوم، فقَعد سليمانُ، وأقرَبُهم منه مَجلسًا عبدُ الله بن الحسَن بن الحسَن بن عليّ بن أبي طالب صَلَوات الله عليهم، فقُدّمَ بِطْريقُهم فقال: يا عبدَ الله، اضرب عنُقه، فقام فما أعطاه أحدٌ سَيْفًا حتى دَفع إليه حَرسيّ سيْفه فضَرَبه فأبانَ الرأسَ، وأطنّ الساعد، وبعض الغُلّ، فقال سليمان: أما واللهِ ما من جودة السيف جادَت الضَّربة، ولكن لحَسَبِه، وجَعل يَدْفع البقيّة إلى الوجوُه وإلى الناس يقتلونهم حتى دَفَع إلى جرير رجُلًا منهم، فدلسّت إليه بنو عَبْس سَيْفًا في قِراب أبيَض، فضَرَبه فأبان رأسَه، ودُفِع إلى الفَرَزْدق أسيرٌ فلم يَجد سَيفًا، فدَسّوا له سَيْفًا ددانا مثنيًّا لا يَقطعِ فضرَب به الأسير ضَرَبات، فلم يَصنع شيئًا، فضحِك سليمانُ والقَوْم، وشمِت بالفَرزَدق بنو عَبْس أخوال سليمانَ، فألقَى السيفَ وأنشأ يقول، ويعتذر إلى سليمان، ويأتسى بنُبُوّ سَيْف وَرْقاءَ عن رأسِ خالد: