للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة اثنتين ومائتين ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]

* * *

ذكر خبر بيعة إبراهيم بن المهديّ

فممّا كان فيها من ذلك بيعة أهل بغداد لإبراهيم بن المهديّ بالخلافة، وتسميتهم إيّاه المُبارك. وقيل إنهم بايعوه في أوّل يوم من المحرّم بالخلافة، وخلعوا المأمون؛ فلمّا كان يوم الجمعة صعد إبراهيم المنبر؛ فكان أوّل من بايعه عُبيد الله بن العباس بن محمد الهاشميّ، ثم منصور بن المهديّ، ثم سائر بني هاشم، ثم القوّاد. وكان المتولي لأخذ البيعة المطلب بن عبد الله بن مالك، وكان الذي سعى في ذلك وقام به السنديّ وصالح صاحب المصلّى ومنْجاب ونُصير الوصيف وسائر الموالي؛ إلا أن هؤلاء كانوا الرؤساء والقادة غضبًا منهم على المأمون حين أراد إخراج الخلافة من ولد العباس إلى ولد عليّ، ولتركه لباس آبائه من السّواد ولبسِه الخُضرة (١).

ولما فرغ من البيعة وعد الجند أن يعطيَهم أرزاق الأشهر، فدافعهم بها، فلما رأوا ذلك شغَبُوا عليه، فأعطاهم مائتي درهم لكل رجل، وكتب لبعضهم إلى السواد بقيمة بقيّة مالهم حنطة وشعيرًا. فخرجوا في قَبْضها فلم يمرّوا بشيء إلا انتهبوه، فأخذوا النصيبيْن جميعًا، نصيب أهل البلاد ونصيب السلطان. وغلب إبراهيم مع أهل بغداد على أهل الكوفة والسَّواد كله، وعسكر بالمدائن. وولّى الجانب الشرقيّ من بغداد العباس بن موسى الهادي والجانب الغربيّ إسحاق بن


(١) لقد بيّن الطبري فيما سبق أن الناس بايعوا إبراهيم بن المهدي لأسباب منها أن المأمون أخرج الخلافة من بني العباس وبايع لعلي الرضى من آل علي وانظر تعليقنا على الخبر (٨/ ٥٥٥/ ١٢٩).
ولقد تحدث الطبري مرتين عن هذه البيعة مرة في سنة (٢٠١) ومرة في سنة (٢٠٢ هـ) ولعلها كانت مرة واحدة كما ذكر غيره من المتقدمين أو أن الأولى كانت بين القادة من بني العباس والثانية كانت عامة ظاهرة بين الناس والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>