للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّني شَارٍ بنفسي لربّي ... تَارِكٌ قِيلا لديهمْ وقالا

بَائعٌ أَهلي ومَالِيَ أَرجو ... في جنانِ الخلدِ أهلًا ومالا

قال: فبايعه نحو من ثلاثين، فشرَي بجَبُّل، ثم سار حتي أتي المبارَك. فبلغ ذلك خالدًا، فقال: قد كنت خفتُها منه، ثم وجه إليه خالد جندًا، فلقوه بناحية المنَاذِر، فقاتلهم قتالًا شديدًا، ثم انطووا عليه فقتلوه وقتلوا جميع أصحابه (١). [٧/ ١٢٩ - ١٣٨].

[ثم دخلت سنة عشرين ومئة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]

ذكر الخبر عن سبب وفاته:

وكان سبب ذلك أنه كانت به -فيما ذكر- دُبَيلة (٢) في جوفه؛ فحضر المِهرجان وهو ببلْخ، فقدم عليه الأمراءُ والدّهاقين؛ فكان ممن قدم عليه إبراهيم بن عبد الرحمن الحنفيّ عامله علي هَراة وخُراسان، ودهقان هراة؛ فقدِما بهديَّة قُوّمت بألف ألف؛ فكان فيما قَدما به قَصْران: قصر من فضّة وقصر من ذهب، وأباريق من ذهب وأباريق من فضّة وصحاف من ذهب وفضة؛ فأقبلا وأسد جالس علي السرير، وأشراف خُراسان علي الكراسيّ؛ فوضعا القَصْرين؛ ثم وضعا خلْفهمَا الأباريق والصِّحاف والديباج المرويّ والقوهيّ والهرويّ وغير ذلك؛ حتي امتلأ السماط؛ وكان فيما جاء به الدّهقان أسدًا كُرَة من ذهَب؛ ثم قام الدهقان خطيبًا، فقال: أصلح الله الأمير! إِنَّا معشر العَجم؛ أكلنا الدّنيا أربعمئة سنة؛ أكلناها بالحلْم والعقل والوقار؛ ليس فينا كتاب ناطق، ولا نبيّ مرسل؛ وكانت الرّجال عندنا ثلاثة: ميمون النقيبة أينما توجه فتح الله علي يده، والذي يليه تمتّ مُروّته في بيته فإن كان كذلك رُجِيَ وعُظِّم، وقوّد وقدّم؛ ورجل رحُب صدره، وبسط يده فُرجِيَ؛ فإذا كان كذلك قُوِّد وقُدِّم، وإن الله جعل صفات هؤلاء الثلاثة الذين أكلنا الدّنيا بهم أربعمئة سنة فيك أيها الأمير؛ وما نعلم أحدًا هو أتمّ


(١) ذكر ابن كثير هذا الحادثة مختصرًا وبدون إسناد انظر البداية والنهاية [٧/ ٢٠١].
(٢) الدبيلة: دمل كبير يظهر في الجوف. النهاية (١/ ٥٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>