دماءَنا، فقال معاوية: ما تقول في عليّ؟ قال: أقول فيه قولك، قال: أتبرأ من دين عليّ الذي كان يَدِينُ اللهَ به؟ فسكَت، وكَرِه معاوية أن يجيبَه.
وقام شَمِر بن عبد الله من بني قحافة، فقال: يا أميرَ المؤمنين! هب لي ابن عمّي؛ قال: هو لك، غير أني حابسُه شَهْرًا، فكان يرسل إليه بين كلّ يومين فيكلمه، وقال له: إني لأنفس بك على العراق أن يكون فيهم مثلك.
ثمّ إنّ شَمِرًا عاوده فيه الكلام، فقال: نُمِرُّك على هبة ابن عمك، فدعاه فخلّى سبيله على ألا يدخل إلى الكوفة ما كان له سلطان، فقال: تخيّر أيّ بلاد العرب أحبّ إليك أن أسيّرك إليها، فاختار المَوْصلَ فكان يقول: لو قد مات معاوية قدمتُ المِصْر، فمات قبل معاوية بشهر.
ثم أقبل عبد الرحمن العَنَزيّ فقال: إيه يا أخا ربيعة! ما قولك في عليّ؟ قال: دَعْني ولا تسألْني فإنه خيرٌ لك؛ قال: والله لا أدَعك حتى تخبرَني عنه؛ قال: أشهد أنه كان من الذّاكرين اللهَ كثيرًا، ومن الآمرين بالحقّ والقائمين بالقِسط، والعافينِ عن الناس؛ قال: فما قولك في عثمان؟ قال: هو أوّل مَن فتح باب الظلم، وأرْتجَ أبواب الحقّ؛ قال: قتلتَ نفسَك؛ قال: بل إيّاك قتلتُ؛ ولا ربيعة بالوادي -يقول حين كلّم شَمِر الخعثميّ في كريم بن عَفيف الخثعميّ، ولم يكن له أحدٌ من قومه يكلّمه فيه- فبعث به معاوية إلى زياد، وكتب إليه: أما بعد، فإنّ هذا العَنَزيّ شرّ مَن بَعثْت فعاقبْه عقُوبته التي هو أهلها، واقتلْه شر قِتلة.
فلما قُدِم به على زياد بعث به زياد إلى قُسّ الناطف، فدُفِن به حيًّا.
قال: ولما حُمِل العَنَزيّ والخثعميّ إلى معاوية قال العَنزي لحُجْر: يا حُجْر! لا يبعدَنْك الله، فنِعم أخو الإسلام كنتَ! وقال الخثعميّ: لا تَبْعَدْ ولا تُفْقَد، فقد كنتَ تأمر بالمعروف وتَنهى عن المنكر، ثم ذهب بهما وأتبعَهُما بصرَه، وقال: كَفَى بالموت قطّاعًا لحبل القرائن! فذهب بعُتبة بن الأخنس وسعيد بن نَمِران بعد حُجْر بأيام، فخلَّى سبيلهما.
* * *
تسمية من قتل من أصحاب حُجْر رحمه الله:
حُجْر بن عديّ، وشريك بن شدّاد الحضرميّ، وصَيْفيّ بن فسيل الشيبانيّ،