ملك ذي تُبّع وملك بلقيس مع ملك سليمان بن داود عليهما السلام (١)(١: ٤٩٤/ ٤٩٥).
[ذكر غزوته أبا زوجته جرادة وخبر الشيطان الذي أخذ خاتمه]
٧٥٩ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، عن بعض العلماء، قال: قال وهب بن منبّه: سمع سليمان بمدينة في جزيرة من جزائر البحر، يقال لها: صيدون، بها ملك عظيم السلطان لم يكن للناس إليه سبيل، لمكانه في البحر، وكان الله قد آتي سليمان في ملكه سلطانًا لا يمتنع منه شيء في برّ ولا بحر، إنما يركب إليه إذا ركب علي الريح، فخرج إلي تلك المدينة تحمِله الريح علي ظهر الماء، حتى نزل بها بجنوده من الجنّ والإنس، فقتل ملكَها واستفاء ما فيها، وأصاب فيما أصاب ابنةً لذلك الملك لم يُر مثلُها حسنًا وجمالًا، فاصطفاها لنفسه، ودعاها إلي الإسلام فأسلمت علي جفاء منها وقلة ثقة، وأحبّها حبًّا لم يحبّه شيئًا من نسائه، ووقعت نفسُه عليها، فكانت علي منزلتها عنده لا يذهب حزنُها، ولا يرقأ دمعها، فقال لها لما رأي ما بها وهو يشقّ عليه [من ذلك] ما يري: ويحكِ، ما هذا الحزن الذي لا يذهب، والدمعُ الذي لا يرقأ! قالت: إن أبي أذكُره وأذكر ملكَه وما كان فيه وما أصابه، فيحزنني ذلك، قال: فقد أبدَلك الله [به] ملكًا هو أعظم من ملكه، وسلطانًا هو أعظم من سلطانه، وهداك للإسلام وهو خير من ذلك كلِّه، قالت: إنّ ذلك لكذلك؛ ولكنّي إذا ذكرتُه أصابني ما [قد] تري من الحزن، فلو أنّك أمرت الشياطين، فصوّروا صورة أبي في داري التي أنا فيها، أراها بكرة وعشيًّا لرجوتُ أن يُذهب ذلك حزني، وأن يسلِّيَ عني بعض ما أجد في نفسي، فأمر سليمان الشياطين، فقال: مثِّلوا لها صورة أبيها في دارها حتى ما تنكر منه شيئًا، فمثّلوه لها حتى نظرت إلي أبيها في نفسه، إلا أنه لاروح فيه، فعمِدت إليه حين صنعوه لها فأزّرته وقمّصتْه وعَمّمته وردّته بمثل ثيابه التي كان يلبس، مثل ما كان يكون فيه من هيئة، ثم كانت إذا خرج سليمان من دارها تغدُو عليه في ولائدها حتى تسجد له، ويسجدْنَ له، كما كانت تصنع به في ملكه، وتروح كلَّ عشية بمثل ذلك،