للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطفْتَ بِقُسْطَنْطِينَةِ الروم مُسْنِدًا ... إليها القَنَا حتَّى اكتسَى الذِّلَّ سورها

وما رِمْتَها حتَّى أَتَتك مُلوكُهَا ... بِجِزْيتها، والحَرْبُ تغلِي قدورُها (١)

* * *

ثم دخلت سنة ست وستين ومائة ذكر الخبر عمّا كان فيها من الأحداث

وفيها سخط المهديّ على يعقوب بن داود.

ذكر الخبر عن غضب المهديّ على يعقوب (٢)

ذكر عليّ بن محمَّد النوفليّ، قال: سمعت أبي يذكر، قال: كان داود بن طَهْمان - وهو أبو يعقوب بن داود - وإخوته كتّابًا لنصر بن سيّار، وقد كتب داود قبله لبعض ولاة خراسان؛ فلما كانت أيَّام يَحْيَى بن زيد كان يدسّ إليه وإلى أصحابه بما يسمع من نصر، ويحذّرهم؛ فلما خرج أبو مسلم يطلب بدم يَحْيَى بن زيد ويقتل قَتَلَتَه والمعيّنين عليه من أصحاب نصر، أتاه داود بن طَهْمان مطمئنًّا لما كان يعلم ممّا جرى بينه وبينه، فآمنه أبو مسلم، ولم يعرِض له في نفسه، وأخذ أمواله التي استفاد أيَّام نصر، وترك منازله وضِيعَه التي كانت له ميراثًا بمرْو، فلما مات داود خرج ولده أهلَ أدب وعلم بأيام النَّاس وسيرهم وأشعارهم، ونظروا فإذا ليست لهم عند بني العباس منزلة، فلم يطمعوا في خدمتهم لحال أبيهم من كتابة نصر؛ فلما رأوا ذلك أظهروا مقالة الزيديّة، ودنوْا من آل الحسين، وطمعوا أن يكون لهم دَوْلة فيعيشوا فيها. فكان يعقوب يجول البلاد منفردًا بنفسه، ومع إبراهيم بن عبد الله أحيانًا، في طلب البيعة لمحمد بن عبد الله، فلما ظهر محمَّد وإبراهيم بن عبد الله كتب عليّ بن داود - وكان أسنّ من يعقوب - لإبراهيم بن عبد الله، وخرج يعقوب مع عدّة من إخوته مع إبراهيم؛ فلما قتِل محمَّد وإبراهيم توارَوْا من المنصور، فطلبهم، فأخذ يعقوب وعليًّا فحبسهما في المطبَق أيّام حياته، فلما تُوفِّيَ المنصور، منّ عليهما المهديّ فيمن


(١) انظر لهذه التفاصيل: المنتظم (٨/ ٢٧٨).
(٢) انظر تعليقنا (٨/ ١٦٢/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>