للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسماعيل إلى زيرك، فناوشه القتال، ووقف بغا على تلّ مطلّ على المدينة مما يلي صغدبيل؛ لينظر ما يصنع زيرك وأبو العباس، فبعث بُغا النفّاطين فضربوا المدينة بالنار، وهي من خشب الصَّنَوْبر، فهاجت الرّيح في الصنوبر، فأقبل إسحاق بن إسماعيل إلى المدينة لينظر؛ فإذا النار قد أخذت في قصره وجواريه، وأحاطت به النار؛ ثم أتاه الأتراك والمغاربة فأخذوه أسيرًا، وأخذوا ابنه عمرًا، فأتوْا بهما بُغَا، فأمر بُغا به، فرُدّ إلى باب الحسك، فضربت عنقه هناك صَبْرًا، وحُمِلَ رأسه إلى بُغَا، وصُلِبتْ جيفته على الكُرّ؛ وكان شيخًا محدودًا ضخم الرأس، يخضب بالوَسِمة، آدم أصلع أحول، فنُصب رأسه على باب الحَسك.

وكان الذي تولَّى قتلَه غامش خليفة بُغا، واحترق في المدينة نحو من خمسين ألف إنسان، وأطفِئتِ النار في يوم وليلة، لأنها نار الصَّنَوْبر، لا بقاء لها، وصبَّحهم المغاربة، فأسروا مَنْ كان حيًّا، وسلبوا الموتى. وكانت امرأة إسحاق نازلةً بصغدبيل، وهي حذاء تَفْلِيس في الجانب الشرقيّ، وهي مدينة بناها كسرى أنوشروان؛ وكان إسحاق قد حصّنها وحفر خندقَها، وجعل فيها مقاتلة من الخويثيّة وغيرهم. وأعطاهم بُغا الأمان على أن يضعوا أسلحتَهم، ويذهبوا حيث شاء. وكانت امرأة إسحاق ابنه صاحب السرير.

ثم وجّه بُغا - فيما ذكر - زيرك إلى قلعة الجَرْدمان - وهي بين برذعة وتَفْلِيس - في جماعة من جنده، ففح زيرك الجَردمان، وأخذ بطْريقها القِطْريج أسيرًا، فحمله إلى العسكر. ثم نهض بُغا إلى عيسى بن يوسف ابن أخت أصطفانوس؛ وهو في قلعة كثيش من كورة البَيْلَقان، وبينها وبين البَيْلَقان عشرة فراسخ، وبينها وبين برذعة خمسة عشر فرسخًا، فحاربه، ففتحها، ، أخذه وحمله ابنه معه وأباه، وحمل أبا العباس الواثيّ - واسمه سَنْبَاط بن أشُوط - وحمل معه معاوية بن سهل بن سَنْبَاط بطريق أرَّان، وحمل آذر نرسى بن إسحاق الخاشنيّ.

[ذكر مقدم الروم بمراكبهم إلى دمياط] (١)

وفي هذه السنة جاءت للروم ثلاثمائة مركب مع عرفا وابن قطونا وأمرد ناقه


(١) انظر المنتظم [١١/ ٢٥٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>