٣ - وأخرج البخاري في صحيحه كتاب الأذان باب الجهر بقراءة صلاة الفجر (٧٧٣) عن عبد الله بن عباس قال: (انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأُرسلت علينا الشهب! قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء. فانصرف أولئك الذين توجّهوا نحو تهامة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء فهنالك حين رجعوا إلى قومهم وقالوا: (يا قومنا إنا سمعنا قرآنًا عجبًا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا). فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ أُوحِيَ} وإنما: أوحي إليه قول الجن. وكذلك أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٧٢) سورة {قُلْ أُوحِيَ} (ح ٤٩٢١) عن ابن عباس أيضًا. وأخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عباس (١/ ٣٣١). وروايات استماع الجن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقائهم به كثيرة جمعها الحافظ ابن كثير في تفسير سورة الأحقاف وحاول الجمع بينها، وبيان ما قاله أئمة الحديث والتفسير في ذلك ومنهم البيهقي رحمه الله تعالى. ولقد وفّق الشوكاني بين هذه الروايات قائلًا في تفسيره لآية الجن في سورة الأحقاف: والجمع بين الروايات بالحمل على قصتين وقعت منه - صلى الله عليه وسلم - مع الجن حضر إحداهما ابن مسعود ولم يحضر الأخرى. اهـ.