للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الخبر عن مسير صاحب الزنج بزنوجه وجيوشه فيها إلى البصرة (١)

ذكر: أنه سار من السَّبخَة التي تشرع على النهر المعروف بالديناريّ، ومؤخرها يفضي إلى النهر المعروف بالحدث، بعدما جمع بها أصحابه يريد البصرة؛ حتى إذا قابل النهر المعروف بالرياحيّ أتاه قوم من السودان، فأعلموه: أنهم رأوا في الرياحيّ بارقةً، فلم يلبث إلا يسيرًا حتى تنادى الزّنج السلاح، فأمر عليّ بن أبان بالعُبور إليهم، وكان القوم في شرقيّ النهر المعروف بالديناريّ، فعبَر في زهاء ثلاثة آلاف، وحبّش صاحب الزَّنج عنده أصحابه، وقال لعليّ: إن احتجتَ إلى مزيد في الرّجال فاستمدّني، فلما مضى، صاح الزّنج: السلاح! لحركة رأوْها من غير الجهة التي صار إليها عليّ، فسأل عن الخبر، فأخبِر أنه قد أتاه قوم من ناحية القرية الشارعة، على نهر حرْب المعروفة بالجعفريّة، فوجّه محمد بن سلْم إلى تلك الناحية.

فذكر عن صاحبه المعروف بريحان، أنه قال: كنتُ فيمن توجّه مع محمد، وذلك في وقت صلاة الظهر، فوافينا القومَ بالجعفريّة، فنَشب القتال بيننا وبينهم إلى آخر وقت العصر، ثم حمل السودان عليهم حملةً صادقة، فولّوْا منهزِمين وقُتِل من الجند والأعراب وأهل البصرة البلالية والسعدية خمسمئة رجل، وكان فتْح المعروف بغلام أبي شيث معهم يومئذ، فولى هاربًا، فاتّبعه فيروز الكبير؛ فلمّا رآه جادًّا في طلبه رماه ببيضة كانت على رأسه؛ فلم يرجع عنه؛ فرماه بترسه فلم يرجع عنه، فرماه بتنّور حديد كان عليه فلم يرجع عنه؛ ووافى به نهر حرْب، فألقى فتحٌ نفسه فيه، فأفلت ورجع فيْروز، ومعه ما كان فتح ألقاه من سلاحه؛ حتى أتى به صاحب الزَّنج.


(١) هذه الأخبار استغرقت الصفحات (٤٣١ - ٤٣٧).
وفيها تفاصيل دقيقة عن سير المعارك التي خاضها صاحب الزنج وجيشه ضد قوات الخليفة العباسي حوالي مدينة البصرة، وقد روى بعضها عن أصحابه وبعضها الآخر عن شهود عبان آخرين وانظر تعليقنا في نهاية أخبار صاحب الزنج ضمن أحداث سنة (٢٧٠ هـ) (١٠/ ٦٦٣/ خ ٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>