قال محمد بن الحسن: قال شِبْل: حُكيَ لنا: أنّ فتحًا طفَر يومئذ نهر حرب، قال: فحدّثت هذا الحديث الفضل بن عدّي الدارميَّ، فقال: أنا يومئذ مع السعديّة، ولم يكن على فتح تنُّور حديدٍ، وما كان عليه إلا صُدْرة حرير صفراء، ولقد قاتل يومئذ حتى لم يبق أحد يقاتل، وأتى نهر حرب، فوثبه، حتى صار إلى الجانب الغربيّ منه، ولم يُعرف ما حكى ريحان من خبر فيروز.
قال: وقال ريحان: لقيتُ فيروز قبل انتهائه إلى صاحب الزَّنج، فاقتصّ عليّ قصّته وقصّة فَتْح، وأراني السلاح، وأقبل الزّنج على أخذ الأسلاب، وأخذتُ على النهر المعروف بالدّيناريّ؛ فإذا أنا برجل تحت نخلة عليه قلنسوة خزّ، وخُفّ أحمر ودرّاعة، فأخذتُه فأراني كتبًا معه، وقال في: هذه كتبٌ لقوم من أهل البصرة، وجّهوني بها، فألقيت في عنقه عمامة، وقدته إليه، وأعلمته خبره، فسأله عن اسمه فقال: أنا محمد بن عبد الله، وأكنَّى بأبي الليث، من أهل أصبهان، وإنما أتيتُك راغبًا في صحبتك، فقبِله، ولم يلبث أن سمع تكبيرًا؛ فإذا عليّ بن أبان قد وافاه ومعه رأسُ البلاليّ المعروف بأبي الليث القواريريّ.
قال: وقال شِبْل: الذي قتل أبا الليث القواريريّ وصيف المعروف بالزّهريّ وهو من مذكوري البلاليّة، ورأس المعروف بعبْدان الكسبيّ، وكان له في البلاليّة صوت في رؤوس جماعة منهم، فسأله عن الخبر فأخبره أنه لم يكن فيمن قاتله أشدّ قتالًا من هذين - يعني أبا الليث وعبدان - وأنه هزمهم حتى ألقاهم في نهر نافذ؛ وكانت معهم شذاة فغرّقها، ثم جاءه محمد بن سلْم ومعه رجل من البلالية أسيرًا، أسره شِبْل يقال له محمد الأزرق القوايريّ، ومعه رؤوس كثيرة، فدعا الأسير فسأله عن أصحاب هذين الجيشين، فقال له: أما الذين كانوا في الرياحيّ فإنّ قائدهم كان أبا منصور الزّينبيّ، وأما الذين كانوا مما يلي نهر حرب، فإن قائدهم كان سليمان أخا الزينبي من ورائهم مُصْحرًا، فسأله عن عددهم فقال له: لا أحصيهم، إلّا أني أعلم أنهم كثير عددهم، فأطلق محمد القواريريّ، وضمه إلى شِبْل، وسار حتى وافى سَبَخة الجعفرية، فأقام ليلتَه بين القتلى؛ فلما أصبح جمع أصحابه فحذَّرهم أن يدخل أحد منهم البصرة، وسار فتسرّع منهم أنكلويه وزُريق وأبو الخَنْجر - ولم يكن قُوِّد يومئذ - وسليم ووصيف الكوفيّ، فوافَوا النهر المعروف بالشاذاني، وأتاهم أهل البصرة، وكَثروا عليهم؛ وانتهى الخبر إليه،