فغاظ ذلك خالدًا، فأمر مالك بن المنذر وهو على شُرْطة البصرة أن يعظّم عمر بن يزيد، ولا يعصي له أمرًا حتى يعرّفه الناس، ثم أقبل يعتلّ عليه حتى يقتله، ففعل ذلك، فذكر يومًا عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، فافترى عليه مالك، فقال له عمر بن يزيد: تفتري على مثل عبد الأعلى! فأغلظ له مالك، فضربه بالسياط حتى قتله.
* * * *
[غزو غورين]
وفيها غزأ أسد بن عبد الله غورين، وقال ثابت قُطْنة:
أرَى أَسدًا في الْحَربِ إذْ نَزَلَتْ به ... وقَارعَ أَهْلَ الحَرْبِ فازَ وأوجبَا
تناوَل أَرضَ السَّبْل، خاقانُ رِدؤه ... فحَرَّقَ ما استَعصَى عليه وخَرَّبا
أتتْكَ وُفُودُ التّرْك ما بَيْنَ كابلٍ ... وغُورِينَ إذ لم يَهْربُوا منْكَ مَهْرَبا
فما يغْمُرُ الأَعَدَاءَ مِن ليْثِ غابَة ... أبِي ضارِيَاتٍ حَرَّشُوهُ فَعَقَّبا
أَزَبَّ كأنَّ الوَرْسَ فوْقَ ذِراعِهِ ... كرِيَه المُحَيَّا قَدْ أسنَّ وجرَّبا
ألم يَكُ في الحِصْن المبارَكِ عصمةٌ ... لجندِكَ إذ هابَ الْجَبانُ وأَرْهَبَا!
بنى لكَ عَبْدُ اللهِ حِصنًا وَرِثتَهُ ... قدِيمًا إذا عُدّ القديمُ وأنجَبا
[٧/ ٤٦ - ٤٧].
ذكر الخبر عن عزل هشام خالدًا وأخاه عن خراسان:
وكان سبب ذلك أن أسدًا أخا خالد تعصّب حتى أفسد الناس، فقال أبو البريد - فيما ذكر عليّ بن محمد لبعض الأزد: أدخلني على ابن عمّك عبد الرحمن بن صبح، وأوصه بي، وأخبِرْه عني، فأدخله عليه - وهو عامل لأسَد على بلْخ - فقال: أصلح الله الأمير! هذا أبو البريد البكريّ أخونا وناصرنا، وهو شاعر أهل المشرق، وهو الذي يقول:
إنْ تَنقُضِ الأَزْدُ حِلْفًا كان أكَّدَهُ ... في سالف الدَّهر عَبَّادٌ ومَسْعُود
ومالكٌ وسُوَيدٌ أكّداه معًا ... لما تُجَرَّدُ فيها أيَّ تجرِيدِ
حتى تنادُوا أتاكَ اللهُ ضاحيَةً ... وفي الجُلود من الإِيقاع تَقْصيدُ