للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيثُ يَشَاءُ} أي بعد السجن والضيق والحصر، صار مطلق الركاب بديار مصر، {يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيثُ يَشَاءُ} أي أين شاء حل منها مكرمًا محسودًا معظمًا.
{نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} أي هذا كله من جزاء الله وثوابه للمؤمن مِع ما يدخر له في آخرته من الخير الجزيل والثواب الجميل. ولهذا قال: {وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.

[التقاء يوسف بإخوته]:
{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَال ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيلَ وَأَنَا خَيرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (٦٠) قَالُوا سَنُرَاودُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (٦١) وَقَال لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [يوسف: ٥٨ - ٦٢].
يخبر تعالى عن قدوم إخوة يوسف - عليه السلام - إلى الديار المصرية يمتارون طعامًا، وذلك بعد إتيان سني الجدب وعمومها على سائر العباد والبلاد. وكان يوسف - عليه السلام - إذ ذاك الحاكم في أمور الديار المصرية دينًا ودنيا. فلما دخلوا عليه عرفهم ولم يعرفوه، لأنه لم يخطر ببالهم ما صار إليه يوسف - عليه السلام - من المكانة والعظمة، فلهذا عرفهم وهم له منكرون.
قال تعالى: {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} وأي أعطاهم من الميرة ما جرت به عادته، من إعطاء كل إنسان حمل بعير لا يزيده عليه {قَال ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ} وكان قد سألهم عن حالهم، وكم هم؟ فقالوا: كنا اثني عشر رجلًا، فذهب منا واحد وبقي شقيقه عند أبينا. فقال: إذا قدمتم من العام المقبل فائتوني به معكم.
{أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيلَ وَأَنَا خَيرُ الْمُنْزِلِينَ}؟ أي قد أحسنت نزلكم وقراكم، فرغبهم ليأتوه به ثم رهبهم إن لم يأتوه به فقال: {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ} أي فلست أعطيكم ميرة، ولا أقريكم بالكلية، عكس ما أسدى إليهم أولًا. فاجتهد في إحضاره معهم ليبل شوقه منه بالترغيب والترهيب.
{قَالُوا سَنُرَاودُ عَنْهُ أَبَاهُ} أي سنجتهد في مجيئه معنا وإتيانه إليك بكل ممكن، {وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ} أي وإنا لقادرون على تحصيله. ثم أمر فتيانه أن يضعوا بضاعتهم وهي ما جاؤوا به يتعوضون به عن الميرة في أمتعتهم من حيث لا يشعرون بها {لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
{فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٦٣) قَال هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيهِ إلا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٦٤) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَينَا وَنَمِيرُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>