للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصرفه عن سَمَرْقند؛ وكان يحمل الحجارة بيديه حتى يطرحها في السّكْر (١)، ثم قفل من سَمَرْقند حتى نزل بلْخ.

وقد زعم بعضُهم أن الذي ذكرت من أمر أسد وأمر أصحاب الحارث كان في سنة ثمان عشرة (٢). [٧/ ٩٩ - ١٠٧].

أمر أَسد بن عبد الله مع دعاة بني العباس

وفي هذه السنة أخذ أسد بن عبد الله جماعة من دُعاة بني العباس بخراسان، فقتل بعضهم، ومثّل ببعضهم، وحبس بعضهم، وكان فيمن أخذ سليمان بن كَثِير ومالك بن الهيثم وموسى بن كعب ولاهزِ بن قريظ وخالد بن إبراهيم وطلحة بن زُرَيق، فأتِىَ بهم، فقال لهم: يا فسَقة، ألم يقل الله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} (٣).

فذُكر أن سليمان بن كثير قال: أتكلم أم أسكت؟ قال: بل تكلم، قال: نحن والله كما قال الشاعر:

لو بغير الماء حَلْقي شَرِقٌ ... كنتُ كالغَضَانِ؛ بالماء اعْتِصارِي (٤)

تدري ما قصتنا؟ صِيدت والله العقارب بيدك أيّها الأمير؛ إنا أناس من قومك، وإن هذه المضريَّة إنما رفعوا إليك هذا لأنا كنا أشدَّ الناس على قتيبة بن مسلم؛ وإنما طلبوا بثأرهم، فتكلّم ابنُ شريك بن الصامت الباهليّ، وقال: إنّ هؤلاء القوم قد أخِذُوا مرَّة بعد مرّة، فقال مالك بن الهيثم: أصلح الله الأمير! ينبغي لك أن تعتبر كلام هذا بغيره؛ فقالوا: كأنك يا أخا باهلة تطلبنا بثأر قتيبة! نحن والله كنا أشدَّ الناس عليه؛ فبعث بهم أسد إلى الحبس، ثم دعا عبد الرحمن بن نُعيم فقال له: ما ترى؟ قال: أرى أن تمنّ بهم على عشائرهم، قال: فالتميميان اللذان معهم؟ قال: تخلّي سبيلهما، قال: أنا إذًا من عبد الله بن يزيد نفِيّ، قال: فكيف


(١) سكر النهر: سد فاه، والسكر: الشق ومنفرج الماء. القاموس ص ٥٢٤.
(٢) انظر البداية والنهاية (٧/ ١٩٧).
(٣) سورة المائدة: الآية: ٩٥.
(٤) لعدي بن زيد، الأغاني ٢: ١٦٤، والاعتصار أن يغص الإنسان بالطعام فيعتصر الماء، وهو أن يشربه قليلًا قليلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>