للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر بناء البَصْرة

١٥٤ - قال أبو جعفر: وفي سنة أربع عشرة أمر عمر بن الخطّاب رحمه الله - فيما زعم الواقديّ - الناس بالقيام في المساجد في شهر رمضان بالمدينة، وكتب إلى الأمصار يأمر المسلمين بذلك.

وفي هذه السنة -أعني: سنة أربع عشرة- وجَّه عمر بن الخطاب عُتْبة بن غَزْوان إلى البصرة، وأمره بنزولها بمَن معه، وقطع مادّة أهلِ فارس عن الذين بالمدائن ونواحيها منهم في قول المدائنيّ وروايته.

وزعم سيف أن البصرة مُصّرت في ربيع سنة ست عشرة، وأنّ عُتبة بن غَزْوان إنَّما خرج إلى البصرة من المدائن بعد فراغ سعد من جَلولاء وتَكْرِيت والحِصْنين؛ وجَّهه إليها سعد بأمر عمر (١). (٣: ٥٩٠).

١٥٤ / أ - وأمَّا محمد بن بَشَار، فإنَّه حدَّثنا، قال: حدَّثنا صفوان بن عيسى الزُّهريّ، قال: حدَّثنا عمرو بن عيسى أبو نَعامة العَدَويّ، قال: سمعت خالد بن عُمَير وشُوَيسًا أبا الرُّقاد، قالا: بعث عمر بن الخطاب عتبة بن غزوان، فقال له: انطلق أنت ومَن معك؛ حتَّى إذا كنتم في أقصى أرض العرب وأدنى أرض العجم، فأقيموا، فأقبلوا حتى إذا كانوا بالمِرْبَد وجدوا هذا الكذّان. قالوا: ما هذه البَصرةُ؟ فساروا حتى بلغوا حيال الجِسْر الصغير، فإذا فيه حَلْفاء وقصبٌ نابتة، فقالوا: هاهنا أمرتم، فنزلوا دون صاحب الفُرات، فأتوه فقالوا: إنّ هاهنا قومًا معهم راية، وهم يريدونك، فأقبل في أربعة آلاف أسوار، فقال: ما هم إلا ما أرى؛ اجعلوا في أعناقهم الحبال، وائْتُوني بهم، فجعل عتبة يَزْجَل، وقال: إني شهدت الحرب مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى إذا زالت الشمس، قال: احملوا؛ فحملوا عليهم فقتلوهم أجمعين، فلم يبق منهم أحد إلّا صاحب الفرات، أخذوه


(١) ذكرنا عبارة الطبري هذه التي نقل فيها رأي سيف وغيره دون أن نعقب عليها، وهذه مسألة اختلف فيها المؤرخون كذلك، وسنعرج عليها بعد ذكر الروايات الصحيحة في هذا الباب إن شاء الله تعالى ونذكر الرأي الظاهر فيها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>