للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الخبر عن غزو أَسد

الخُتّل هذه الغزوة وسبب قتله بدرطرخان

ذكر عليّ بن محمد عن أشياخه الذين ذكرناهم قبل أنهم قالوا: غزا أسد بن عبد الله الختَّل وهي غزوة بدرطرخان، فوجّه مصعب بن عمرو الخُزاعيّ إليها، فلم يزل مصعب يسير حتى نزل بقرب بدرطرخان؛ فطلب الأمان على أن يخرج إلى أسد. فأجابه مُصعب، فخرج إلى أسد فطلب منه أشياء فامتنع، ثم سأله بدرطرخان أن يقبل منه ألف ألف درهم، فقال له أسد: إنك رجل غريب من أهل الباميان، اخرج من الختَّل كما دخلتها، فقال له بدرطرخان: دخلتَ أنت خراسان على عشرة من المحذّفة، ولو خرجت منها اليوم لم تستقلّ على خمسمئة بعير؛ وغيرُ ذلك أنِّي دخلت الخُتَل بشيء فارْدُدْه عليّ حتى أخرج منها كما دخلتها، قال: وما ذاك؟ قال: دخلتُها شابًّا فكسبت المال بالسيف، ورزق الله أهلًا وولدًا، فاردد عليّ شبابي حتى أخرج منها؛ هل ترى أن أخرج من أهلي وولدي! فما بفائي بعد أهلي وولدي! فغضب أسد.

قال: وكان بدرطرخان يثق بالأمان، فقال له أسد: أختم في عنقك؛ فإني أخاف عليك معرّة الجند، قال: لستُ أريد ذلك؛ وأنا أكتفي من قِبَلك برجل يبلغ بي مصعبًا، فأبى أسد إلَّا أن يختم في عنقه، فختم في رقبته ودفعه إلى أبي الأسد مولاه، فسار به أبو الأسد، فانتهى إلى عسكر المصعب عند المساء، وكان سلمة بن أبي عبد الله في الموالي مع مُصعب، فوافى أبو الأسد سلمةَ، وهو يضع الدّراجة (١) في موضعها، فقال سلمة لأبي الأسد، ما صنع الأمير في أمر بدرطرخان؟ فقصّ الذي عرض عليه بدرطرخان وإباء أسد ذلك، وسرحه معه إلى المصعب ليدخله الحصن، فقال سلمة: إن الأمير لم يُصِبْ فيما صنع، وسينظر في ذلك ويندم؛ إنما كان ينبغي له أن يقبض ما عرض عليه أو يحبسه فلا يدخله حصنه؛ فإنا إنما دخلناه بقناطر اتّخذناها، ومضايق أصلحناها؛ وكان يمنعه أن يغير علينا رجاءُ الصلح؛ فأما إذ يئس من الصّلح فإنه لا يدَع الجهد، فدعْه الليلة


(١) الدراجة: العجلة التي يدب الشيخ والصبي عليها. القاموس المحيط ص ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>