وذكر عن عمرو بن عبد الملك أن محمدًا أمر زريحًا غلامه بتتبع الأموال وطلبها عند أهل الودائع وغيرهم، وأمر الهرش بطاعته، فكان يهجم على الناس في منازلهم، ويبيتهم ليلًا، ويأخذ بالظنة، فجبى بذلك السبب أموالًا كثيرة، وأهلك خلقًا، فهرب الناس بعلة الحج، وفر الأغنياء، فقال القراطيسي في ذلك:
أَظهروا الحجّ وما ينوونَهُ ... بل من الهِرش يُريدون الهربْ
كم أُناسٍ أصبحوا في غبطة ... وكلَ الهرشُ عليهم بالعطب
كلُّ من راد زُريحٌ بيتَهُ ... لقِىَ الذُّلَّ وَوَافاهُ الحرَبْ
* * *
[[ذكر خبر وقعة درب الحجارة]]
وفيها كانت وقعة درب الحجارة.
ذكر الخبر عنها.
ذكر أن هذه الوقعة كانت بحضرة درب الحجارة؛ وكانت لأصحاب محمد على أصحاب طاهر، قتل فيها خلق كثير، فقال في ذلك عمرو بن عبد الملك العتريّ:
وَقعَةُ السبتِ يومَ درب الحِجَارَهْ ... قطعَت قِطعةً من النَّظَّارة
ذاك من بعد ما تَفَانَوا ولكن ... أهلكَتهمْ غوغاؤنا بالحجَارهْ
قَدِم الشُّورَجِينَ للقتل عمدًا ... قال إني لَكُمْ أُرِيد الإِمَارَة
فتلقَاه كلُّ لِصٍّ مُريِبٍ ... عَمَر السجنَ دهرَه بالشَّطَارَهْ
ما عليه شيءٌ يواريه مِنْهُ ... أيرُه قائمٌ كمثلِ المنارَهْ
فتَوَلوْا عنهم وَكَانُوا قديمًا ... يُحسِنونَ الضِّرابَ في كلِّ غارَهْ
هؤلاء مثلُ هؤلاكَ لدينا ... ليس يَرعوْن حق جارٍ وجَارَهْ
كلّ منْ كانَ خاملًا صار رأسًا ... من نعيم في عيشه وغضارهْ
حاملٌ في يمينِهِ كلَّ يومٍ ... مِطرَدًا فوقَ رأسه طَيَّارهْ
أَخرجتْهُ من بيتها أمٌّ سوءٍ ... طَلَبَ النَّهبَ أُمّه العَيَّارَهْ
يشتم الناس ما يبالي بإفصا ... ح لذي الشتم لا يشير إشارهْ
ليس هذا زمان حرٍّ كريم ... ذا زمان الأنذال أهل الزعارهْ