للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو يونس: كان هارون حبَسه ثلاث حبسات مع هذه الحبسة، وأوصل إليه أربعمائة ألف دينار.

* * *

[ذكر الفتنة بين اليمانية والنزارية] (١)

وفي هذه السنة، هاجت العصبيّة بالشأم بين النزارّية واليمانية، ورأس النزاريّه يومئذ أبو الهيذام.

* ذكر الخبر عن هذه الفتنة:

ذُكر أن هذه الفتنة هاجت بالشأم وعامل السلطان بها موسى بن عيسى، فقتِل بين النزاريّة واليمانية على العصبيّة من بعضهم لبعض بشر كثير، فولّى الرشيدُ موسى بن يحيى بن خالد الشأم، وضمّ إليه من القوّاد والأجناد ومشايخ الكتّاب جماعة. فلما ورد الشأم أحِلَّتْ لدخوله إلى صالح بن عليّ الهاشمي، فأقام موسى بها حتى أصلح بين أهلها، وسكنت الفتنة، واستقام أمرُها، فانتهى الخبر إلى الرّشيد بمدينة السلام، وردّ الرّشيد الحكم فيها إلى يحيى، فعفا عنهم، وعمّا كان بينهم، وأقدمهم بغداد، وفي ذلك يقول إسحاق بن حسان الخُزيميّ:

مَنْ مُبْلِغٌ يحيى ودون لقائهِ ... زأراتُ كلِّ خنابِسٍ هَمْهامِ

يا راعيَ الإِسْلامِ غيرَ مُفَرِّطٍ ... في لِين مُغْتَبَطٍ وَطِيبِ مَشامِ

تَعذَى مَشارِبهُ وتُسْقَى شربةً ... وَيَبيتُ بالرَّبَوات والأَعلام

حتى تَنخَنَخَ ضاربًا بجِرَانهِ ... ورَسَتْ مَراسيهِ بدار سلام

فلكلّ ثَغر حارِسٌ من قلبهِ ... وَشُعاعُ طَرفٍ ما يُفَتَّرُ سام

وقال في موسى غيرُ أبي يعقوب:

قد هاجَت الشأمُ هَيْجًا ... يُشيب راسَ وَليدهْ

فَصُبَّ موسى عليها ... بخيله وجُنُودِهْ

فَدانَتِ الشأمُ لمّا ... أَتى نسيجَ وَحيدهْ

هو الجوادُ الذي ... بُذَّ كلُّ جُودٍ بجودِهْ


(١) انظر المنتظم (٩/ ١٨)، والبداية والنهاية [٨/ ١٠٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>