وفتنتها، ثم قام عن ذلك، فألبِس زِيّه الذي يليه، فنظروا إلى مثل ذلك في غير نوع، حتى أتى عليها كلها؛ ثم ألبسه سلاحه، وقلّده سيفه، فنظروا إليه في ذلك، ثم وضعه ثم قال: والله إنّ أقوامًا أدّوْا هذا لذوو أمانة. ونفّل سيف كسرى محلِّمًا، وقال: أحمِق بامرئ من المسلمين غرَّته الدنيا! هل يبلغنّ مغرور منها إلّا دون هذا أو مثَله! وما خيرُ امرئ مسلم سبقه كسرى فيما يضرّه ولا ينفعه! إنّ كسرى لم يزد على أن تشاغل بما أوتِي عن آخرته، فجمع لزوج امرأته أو زوج ابنته، أو امرأة ابنه، ولم يقدّم لنفسه، فقدّم امرؤ لنفسه، ووضع الفضول مواضعها تحصُل له، وإلّا حصلت للثلاثة بعده؛ وأحمِق بمن جمع لهم أو لعدوّ جارِف (١)! (٤: ٢٢/ ٢٣).
[ذكر الخبر عن وقعة جلولاء الوقيعة]
٤٤٤ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة، والمهلب، وزياد، قالوا: وكتب عمر إلى سعد: إن هزم الله الجنديْن -جند مهران وجند الأنطاق- فقدّم القعقاع حتى يكون بين السواد وبين الجبل على حدّ سوادكم، وشاركهم عمرو، وسعيد. قالوا: وكان من حديث أهل جَلُولاء! أنّ الأعاجم لما انتهوْا بعد الهرب من المدائن إلى جلولاء، وافترقت الطرق بأهل أذْرَبيجان والباب وبأهل الجبال وفارس؛ تذامروا، وقالوا: إن افترقتم؛ لم تجتمعوا أبدًا، وهذا مكان يفرّق بيننا، فهلمّوا فلنجتمع للعرب به ولنقاتلهم، فإن كانت لنا فهو الذي نريد، وإن كانت الأخرى كنا قد قضينا الذي علينا، وأبليْنا عذرًا. فاحتفروا الخندق، واجتمعوا فيه على مِهران الرازيّ، ونفذَ يزدَجِرد إلى حُلوان فنزل بها، ورماهم بالرّجال؛ وخلَّف فيهم الأموال، فأقاموا في خندقهم، وقد أحاطوا به الحَسَك من الخشب إلّا طرقهم. قال عمرو عن عامر الشعبيّ: كان أبو بكر لا يستعين في حربه بأحد من أهل الرّدّة حتى مات، وكان عمر قد استعان بهم، فكان لا يؤمّر منهم أحدًا إلا على النفر وما دون ذلك؛ وكان لا يعدل أن يؤمّر الصحابة إذا وجد مَن يجزي عنه في حربه؛ فإن لم يجد ففي التابعين بإحسان، ولا يُطمع من انبعث في الردّة في الرياسة، وكان رؤساء أهل