للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لهما: إنَّكما قد تركتما النزول في موضعه، فلا تَنزلا الآن، ثمّ حسَر العمامةَ عن وجهه، فعرفاه فرحَّبا به، وقال لابنِ الأشعث: إني لمَّا رأيتُ فرسك يجول في العسكر ظننتُك راجلًا، فأتيتك ببِرْذوني هذا لتركَبَه، فترك لابن أبي سَبْرة بغلته، ورَكب البرْذَون، وانطلق عبدُ الرحمنُ بنُ الأشعث حتَّى نزل دَيْر اليعار، وأمرَ شبيبٌ أصحابَه فرفعوا عن الناس السَّيف، ودعاهم إلى البَيْعة، فأتاه من بقي من الرَّجَّالة فبايعوه، وقال له أبو الصُّقَيْر المحلَّميّ قتلت من الكوفيِّين سبعةً في جوف النَّهر كان آخرهم رجلًا تعلَّق بثوبي وصاح، ورهَّبني حتَّى رهبْتُه، ثمَّ إني أقدَمْت عليه فقتَلتُهُ، وقُتِل من كندة مئة وعشرون يومئذ وألفٌ من سائرِ الناس أو ستّمئة، وقُتِل عُظْم العُرَفاء يومئذ (١). (٦/ ٢٥٣ - ٢٥٥).

قال أبو مِخنَف: حدّثني قُدامة بن حازم بنِ سُفْيان الخَثْعميّ، أنَّه قَتَل منهم يومئذ جماعةً، وبات عبد الرحمن بنُ محمَّد تلك الليلة بدَير اليعار، فأتاه فارسان فصعِدا إليه فوق البيت، وقام آخرُ قريبًا منهما فخلا أحدُهما بعبد الرحمن طويلًا يناجيه، ثمّ نزل هو وأصحابُه، وقد كان الناسُ يتحدّثون أنّ ذلك كان شبيبًا، وأنَّه قد كان كاتبه، ثمّ خرج عبد الرحمن آخر الليل فسار حتى أتى دَيْرَ أبي مريم، فإذا هو بأصحاب الخيل قد وضع لهم محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي سَبْرة صبَرَ الشَّعير وألقَتّ بعضهُ على بعض كأنه القُصور، ونحر لهم من الجزر ما شاؤوا، فأكلوا يومئذ وعَلفوا دوابَّهم، واجتمع الناسُ إلى عبد الرحمن بن محمَّد بن الأشعث فقالوا له: إنْ سمعَ شبيبٌ بمكانك أتَاك وكنتَ له غنيمة، قد ذهب الناس وتفرّقوا وقُتِل خيارهم فالحقْ أيها الرجل بالكوفة، فخرج إلى الكوفة ورجع الناس أيضًا، وجاء فاختبأ من الحجَّاج حتَّى أخَذ الأمانَ بعد ذلك (٢). (٦/ ٢٥٥ - ٢٥٦).

ثم دخلتْ سنة سبع وسبعين

محاربة شبيب عتاب بن ورقاء وزهرة بن حَوِية وقتلهما

ففي هذه السنة قتل شبيبٌ عَتَّاب بن ورقاءَ الرّياحيّ وزُهرة بن حَوِية.


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>