للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما أردتُ أن أسألك؛ فقال غلام للزّبير يُدعَى عطية كان معه: إنه مُعِدٌّ، ما يَهولك من رجل! وحضرت الصّلاة، فقال ابن جُرموز: الصلاة؛ فقال الزبير: الصلاة، فنزلا، واستدبره ابن جُرموز فطعنه من خلفه في جُرُبّان درعه، فقتله، وأخذ فرسَه وخاتمَه وسلاحه، وخلّى عن الغلام، فدفنه بوادي السباع؛ ورجع إلى الناس بالخبر. فأما الأحنف؛ فقال: والله ما أدري أحسنت أم أسأت! ثمّ انحدر إلى عليّ وابن جُرموز معه، فدخل عليه، فأخبره، فدعا بالسيف، فقال: سيف طالمَا جلَّى الكُرَب عن وجه رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -! وبعث بذلك إلى عائشة، ثم أقبل على الأحنف فقال: تربّصتَ؛ فقال: ما كنتُ أراني إلّا قد أحسنتُ، وبأمرك كان ما كان يا أميرَ المؤمنين! فارفُق؛ فإنّ طريقك الذي سلكتَ بعيد، وأنت إليَّ غدًا أحوَج منك أمسِ، فاعرف إحساني، واستصفِ مودّتي لغَدٍ، ولا تقولَنَّ مثلَ هذا، فإني لم أزل لك ناصحًا (١). (٤: ٥٣٤/ ٥٣٥).

[من انهزم يوم الجمل فاختفى ومضى في البلاد]

١٠٣٨ - كتب إليّ السرىّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة، قالا: ومضى الزبير في صدر يوم الهزيمة راجلًا نحو المدينة، فقتله ابن جُرموز، قالا: وخرج عُتْبة بن أبي سُفيان، وعبدُ الرحمن، ويحيى ابنا الحكم يوم الهزيمة، قد شُجِّجوا في البلاد، فلقوا عصمة بن أبَير التيمّي، فقال: هل لكم في الجوار؟ قالوا: مَن أنت؟ قال: عصمة بن أبَير. قالوا: نعم، قال: فأنتم في جواري إلى الحَوْل؛ فمضى بهم، ثم حَماهم وأقام عليهم حتى بَرَؤوا، ثم قال: اختاروا أحبَّ بلد إليكم أبْلِغكُموه، قالوا: الشام، فخرج بهم في أربعمئة راكب من تَيْم الرِّباب، حتى إذا وغلوا، في بلاد كلب بدُومة قالوا: قد وفيتَ ذمّتك وذِمَمَهم، وقضيتَ الذي عليك فارجع، فرجع، وفي ذلك يقول الشاعر:

وَفى ابنُ أبَيْرٍ والرّماح شوارعٌ ... بِآل أَبي العاصي وفاءً مُذَكَّرَا

وأما ابن عامر؛ فإنه خرج أيضًا مشجّجًا، فتلقاه رجل من بني حُرْقوص يُدعَى


(١) إسناده ضعيف وفيه نكارة، وما كان قيس ليقول هذا الكلام وقد ثبت عنه أنه قال: والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤/ ٤٩٨).
وأما قتل عمرو بن جرموز للزبير فصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>