٩٢٤ - كتب إليّ السَّريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة، قالا: استأذن طلحةُ، والزبير عليًّا في العُمرة، فأذن لهما، فلحقا بمكة؛ وأحبّ أهلُ المدينة أن يعلموا ما رَأي عليّ في معاوية وانتقاضه، ليعرفوا بذلك رأيَه في قتال أهل القبلة؛ أيجسُر عليه، أو ينكُلُ عنه! وقد بلغَهم: أن الحسن بن عليّ دخل عليه، ودعاه إلى القُعود وترْك النّاس، فدسّوا إليه زيادَ بن حنظلة التميمى -وكان مُنقطعًا إلى عليّ- فدخل عليه فجلس إليه ساعةً ثمّ قال له عليّ: يا زياد! تيسَّر؛ فقال: لأيّ شيء؟ فقال: تغزو الشأم، فقال زياد: الأناةُ والرفق أمْثل، فقال:
ومَنْ لا يُصانِعْ في أمور كثيرةٍ ... يُضَرَّسْ بأنيابٍ ويوطأْ بمنْسِمِ
فخرج زياد على النّاس والناس ينتَظرونه، فقالوا: ما وراءك؟ فقال: السَّيف يا قوم! فعرفوا ما هو فاعل. ودعا عليٌّ محمد بن الحنفيّة فدَفَعَ إليه اللواء، وولّى عبد الله بن عباس ميمَنَته، وعمر بن أبي سَلمةَ - أو عمرو بن سفيان بن عبد الأسد - ولّاه ميسرته، ودعا أبا ليلى بن عمر بن الجرّاح؛ ابن أخي أبي عُبيدة بن الجرّاح، فجعله على مقدّمته، واستخلف على المدينة قثم بن عبّاس، ولم يولّ ممن خرج على عثمان أحدًا، وكتب إلى قيس بن سعد أن يندب الناس إلى الشأم، وإلى عثمان بن حُنَيف وإلى أبي موسى مثلَ ذلك، وأقبل على التهيُّؤ والتجهز، وخطب أهلَ المدينة فدعاهم إلى النهوض في قتال أهل الفُرْقة، وقال: إنّ الله عزّ وجلّ بعث رسولًا هاديًا مهديًا بكتاب ناطِق وأمْر قائم واضح؛
= الحال كشعيب (رواية سيف)، بل إن الرواية الصحيحة (تؤكد عدالة الصحابة التي اتفق عليها العلماء) وكما أخرج يحيى بن سليمان الجعفي عن أبي مسلم الخولاني: أنه قال لمعاوية: أنت تنازع عليًّا أم أنت مثله؟ فقال: لا والله، إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلومًا وأنا ابن عمه والطالب بدمه فائْتوه فقولوا له: فليدفع إليّ قتلة عثمان وأسلَّم له) سير أعلام النبلاء (٣/ ١٤٠)، البداية والنهاية (٨/ ١٢٩). وجوّد الحافظ إسناده في الفتح (١٣/ ٩٢).