وفيها دخل أصحابه الأهواز وأسروا إبراهيم بن المدبر.
* ذكر الخبر عن سبب ذلك:
وكان الخبيث لما أوقع أصحابه بالأبُلّة، وفعلوا بها ما فعلوا، واستسلم له أهلُ عَبَّادان، فأخذ مماليكهم، فضمّهم إلى أصحابه من الزَّنْج، وفرّق بينهم ما أخذ من السلاح الذي كان بها، طمع في الأهواز، فاستنهض أصحابه نحو جُبّى، فلم يثبتْ لهم أهلها، وهربوا منهم، فدخلوا فقتلوا وأحرقوا، ونهبوا وأخربوا ما وراءها؛ حتى وافوا الأهواز، وبها يومئذ سعيد بن يكسين والٍ وإليه حربُها، وإبراهيم بن محمد بن المدبّر، وإليه الخراج والضّياع؛ فهرب الناس منهم أيضًا فلم يقاتلهم كثير أحد، وانحاز سعيد بن تكسين فيمَن كان معه من الجُند، وثبت إبراهيم بن المدبّر فيمن كان معه من غلمانه وخَدَمِه، فدخلوا المدينة، فاحتوَوْها، وأسروا إبراهيم بن محمد بعد أن ضُرب ضربةً على وجهه، وحوَوْا كلّ ما كان يملك من مال وأثاث ورقيق؛ وذلك يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة ست وخمسين ومئتين.
ولما كان من أمره ما كان بالأهواز بعد الذي كان منه بالأبُلّة؛ رعب أهل البصرة رعبًا شديدًا، فانتقل كثير من أهلها عنها، وتفزقوا في بلدان شتَّى، وكثرت الأراجيف من عوامّها.
* * *
وفي ذي الحجة من هذه السنة وجّه صاحب الزَّنْج إلى شاهين بن بسْطام جيشًا عَليهم يحيى بن محمد البحرانيّ لحربه؛ فلم يَنَلْ يحيى من شاهين ما أمّل وانصرف عنه.
وفي رجب من هذه السنة وافى البصرة سعيد بن صالح المعروف بالحاجب من قِبَل السلطان لحرب صاحب الزَّنْج.
وفيها كانت بين موسى بن بُغا والذين كانوا توجّهوا معه إلى ناحية الجبل مخالفين لمحمد بن الواثق وبين مساور بن عبد الحميد الشاري وقعة بناحية خانِقين، ومُساور في جمع كثير وموسى وأصحابه في مئتين، فهزموا مساورًا، وقتلوا من أصحابه جماعة كثيرة.