إلى الكور: إنَّ مرْو كانت آمِنة مطمئنَّة يأتيها رزقُها رغدًا من كلّ مكان، فكفرت بأنعُمِ الله؛ فاحملوا إليها الطعام (١).
قال عليّ بن محمد: أعطى الجُنيد في هذه السنة رجلًا درهمًا، فاشترى به رغيفًا، فقال لهم: تشكون الجوع ورغيف بدرهم! لقد رأيتُني بالهند وإن الحبّة من الحبوب لتباع عددًا بالدرهم؛ وقال: إنَّ مَرْو كما قال الله عز وجل: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً}[٧/ ٩٢].
[ثم دخلت سنة ست عشرة ومئة ذكر ما كان فيها من الأحداث]
ذكر عليّ بن محمد، عن أشياخه، أنّ الجُنيد بن عبد الرحمن تزّوج الفاضلة بنت يزيد بن المهلَّب، فغضب هشام على الجُنيد، وولّى عاصم بن عبد الله خراسان؛ وكان الجُنيد سَقَى بطنُه، فقال هشام لعاصم: إن أدركتَه وبه رمَق فأزهقْ نفسه، فقدم عاصم وقد مات الجنيد.
قال: وذكروا أنَّ جبلة بن أبي روّاد دخل على الجُنيد عائدًا، فقال: يا جبلة، ما يقول الناس؟ قال: قلت يتوجَّعون للأمير؛ قال: ليس عن هذا سألتك، ما يقولون؟ وأشار نحو الشأم بيده. قال: قلت: يقدم على خراسان يزيد بن شجرة الرَّهاويّ، قال: ذلك سيّد أهل الشأم، قال: ومن؟ قلت: عصمة أو عصام، وكنّيت عن عاصم، فقال: إن قدِم عاصم فعدوّ جاهد؛ لا مرحبًا به ولا أهلًا.
قال: فمات في مرضه ذلك في المحرّم سنة ست عشرة ومئة، واستخلف عمارة بن حُرَيم. وقدم عاصم بن عبد الله، فحبس عُمارة بن حُرَيم وعمال الجنيد وعذّبهم، وكانت وفاته بمرْو، فقال أبو الجُوَيرية عيسى بن عصمة يرثيه: