للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متحارِسين، فلما أصبحنا نظرنا فإذا القوم قد انصرفوا من تحت ليلتهم، ويصبّحنا عليّ بن أبي طالب غُدوة، فقدم الأشتر فيمن كان معه في تلك المقدّمة حتى انتهى إلى معاوية، فواقفه، وجاء عليّ في أثره فلحق بالأشتر سريعًا، فوقف وتواقفوا طويلًا.

ثمّ إنّ عليًّا طلب موضِعًا لعسكره، فلما وجده أمر الناسَ فوضعوا الأثقال، فلما فعلوا ذهب شبابُ الناس وغِلمَتُهم يستقون، فمنعهم أهلُ الشام، فاقتتل الناس على الماء، وقد كان الأشتر قال له قبل ذلك: إنّ القوم قد سبقوا إلى الشريعة وإلى سهولةِ الأرض وسعةِ المنزل، فإن رأيتَ سرنا نجوزُهم إلى القرية التي خرجوا منها، فإنهم يشخصون في أثرنا، فإذا هم لحقونا نزَلْنا فكنّا نحن وهم على السواء، فكَرِه ذلك عليٌّ، وقال: ليس كلّ الناس يقْوَى على المسير، فنَزَل بهم (١). (٤: ٥٦٨/ ٥٦٩).

[القتال على الماء]

١٠٧٧ - قال أبو مخْنَف: وحدّثني تميم بن الحارث الأزديّ، عن جندَب بن عبد الله، قال: إنّا لما انتهينا إلى معاوية؛ وجدناه قد عسكر في موضع سهل أفْيَح قد اختاره قبل قدومنا إلى جانب شريعة في الفُرات، ليس في ذلك الصقع شريعة غيرها، وجعلها في حيّزِه، وبعث عليها أبا الأعور يمنعها ويحميها، فارتفْعنا على الفرات رجاءَ أن نجد شريعة غيرَها نستغني بها عن شريعتهم فلم نجدها، فأتينا عليًّا فأخبرناه بعطش الناس، وأنا لا نجد غيرَ شريعة القوم. قال: فقاتلوهم عليها، فجاءه الأشعث بن قيس الكنديّ فقال: أنا أسير إليهم، فقال له عليّ: فسر إليهم، فسار، وسرنا معه، حتى إذا دنونا من الماء؛ ثاروا في وجوهنا ينضِحوننا بالنَّبل، ورشَقْناهم والله بالنّبل ساعة، ثم اطَّعَنّا والله بالرماح طويلًا، ثم صرنا آخر ذلك نحن والقوم إلى السيوف، فاجتلَدْنا بها ساعة. ثم إنّ القوم أتاهم يزيد بن أسد البَجَليّ مُمِدًّا في الخيل والرجال، فأقبلوا نحونا، فقلت في نفسي: فأمير المؤمنين لا يبعث إلينا بمن يغني عنا هؤلاء، فذهبتُ فالتفتّ فإذا عدّة القوم أو أكثر، قد سرّحهم إلينا ليغنُوا عنّا يزيد بن أسد وأصحابه، عليهم


(١) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>