بسم الله الرحمن الرحيم. أمّا بعد فإنّ الله وليّ أمير المؤمنين ووليّ ما ولّاه، والحافظ لما استرعاه وأكرمه به من خلافته وسلطانه، والصانع له فيما قدّم وأَخَّر من أموره، والمنعم عليه بالنّصر والتأييد في مشارق الأرض ومغاربها، والكالئ والحافظ والكافي من جميع خلْقه؛ وهو المحمود على جميع آلائه، المسؤول تمامَ حُسْنِ ما أمضى من قضائه لأمير المؤمنين وعادته الجميلة عنده وإلهام ما يرضى به ويوجب له عليه أحسن المزيد من فضله وقد كان من نعمة الله عز وجل عند أمير المؤمنين وعندك وعند عوام المسلمين ما تولى الله من محمد وعبد الله ابني أمير المؤمنين من تبليغه بهما أحسنَ ما أمّلت الأمة، ومدّت إليه أعناقها، وقذف الله لهما في قلوب العامة من المحبّة والمودّة والسكون إليهما والثّقة بهما، لعماد دينهم، وقوام أمورهم؛ وجمع ألفَتهم، وصلاح دَهْمائهم، ودفع المحذور والمكروه من الشّتَات والفرقة عنهم؛ حتى ألقَوْا إليهما أزمَّتهم، وأعطوْهما بيعتَهم وصفَقات أيمانهم، بالعهود والمواثيق ووكيد الأَيمان المغلّظة عليهم. أراد الله فلم يكن له مردّ، وأمضاه فلم يقدر أحد من العباد على نقضه ولا إزالته، ولا صَرْفٍ له عن محبّته ومشيئته، وما سبق في علمه منه. وأميرُ المؤمنين يرجو تمامَ النّعمة عليه وعليهما في ذلك وعلى الأمّة كافة؛ لا عاقبَ لأمر الله ولا رادَّ لقضائه، ولا معقِّبَ لحكمه.
ولم يزل أميرُ المؤمنين منذ اجتمعت الأمة على عَقْد العهد لمحمد ابن أمير المؤمنين من بعد أمير المؤمنين ولعبد الله ابنِ أمير المؤمنين من بعد محمد ابن أمير المؤمنين، يُعمِل فكرَه ورأيه ونظرَه ورؤيَتَه فيما فيه الصلاح لهما ولجميع الرعيّة والجمع للكَلمة، واللمّ للشعث، والدّفْع للشتات والفرقة، والحسْم لكيْد أعداء النِّعَم؛ من أهل الكفر والنفاق والغل والشِّقاق، والقطع لآمالهم من كلّ فرصة يرجون إدراكَها وانتهازها منهما بانتقاص حقهما. ويستخير الله أمير المؤمنين في ذلك، ويسأله العزيمةَ له على ما فيه الخِيرَة لهما ولجميع الأمة، والقوّة في أمر الله وحقه وائتلاف أهوائهما، وصلاح ذات بينهما، وتحصينهما من كَيْد أعداء النِّعم، وردّ حسدهم ومكرهم وبغيهم وسعيهم بالفساد بينهما.