وفي هذه السنة شخص المأمون من مَرْو يريد العراق (١)
ذكر الخبر عن شخوصه منها:
ذُكر أن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد العلويّ أخْبر المأمون بما فيه الناس من الفتنة والقتال منذ قتل أخوه، وبما كان الفضل بن سهل يستر عنه من الأخبار، وأنّ أهل بيته والناس قد نقَموا عليه أشياء؛ وأنهم يقولون إنه مسحور مجنون، وأنهم لما رأوا ذلك بايعوا لعمّه إبراهيم بن المهديّ بالخلافة. فقال المأمون: إنهم لم يبايعوا له بالخلافة؛ وإنما صيّروه أميرًا يقوم بأمرهم، على ما أخبره به الفضل، فأعلمه أن الفضل قد كذَبه وغشّه، وأن الحرب قائمة بين إبراهيم والحسن بن سهل، وأنّ الناس ينقمون عليك مكانه ومكان أخيه ومكاني ومكان بيعتك لي من بعدك، فقال: ومَنْ يعلم هذا من أهل عسكري؟ قال له: يحيى بن معاذ وعبد العزيز بن عمران وعدّة من وجوه أهل العسكر، فقال له: أدخلهم على حتى أسألهم عمّا ذكرتْ، فأدخلهم عليه؛ وهم يحيى بن معاذ وعبد العزيز بن عمران وموسى وعليّ بن أبي سعيد - وهو ابن أخت الفضل - وخلف المصريّ، فسألهم عما أخبره، فأبوْا أن يخبروه حتى يجعل لهم الأمان من الفضل بن سهل؛ ألا يعرض لهم، فضمن ذلك لهم، وكتب لكلّ رجل منهم كتابًا بخطه، ودفعه إليهم، فأخبروه بما فيه الناس من الفتن، وبيّنوا ذلك له، وأخبروه بغضب أهل بيته ومواليه وقوّاده عليه في أشياء كثيرة، وبما موّه عليه الفضل من أمر هرثمة، وأنّ هرثمة إنما جاءه لينصحه وليبين له ما يعمل عليه، وأنه إن لم يتدارك أمره خرجت الخلافة منه ومن أهل بيته، وأنّ الفضل دسّ إلى هرثمة مَنْ قتله، وأنه أراد نصحه؛ وأن طاهر بن الحسين قد أبلى في طاعته ما أبلى، وافتتح ما افتتح، وقاد إليه الخلافة مزمومة، حتى إذا وطّأ الأمر أخرِج من ذلك كله، وصُيّر في زاوية من الأرض بالرّقة، قد حُظرت عليه الأموال حتى ضعف أمرُه فشغب عليه جنده، وأنه لو كان على خلافتك ببغداد لضبط الملك،