للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها إلى وقت الغزو، فإذا تأهب للغزو وعَسكَر قيّدت وأضمِرتْ، فلا تقطَع نهرًا بخيل حتى تخفّ لُحومُها، فيَحمِل عليها من يَحمِله في الطلائع، وكان يبعثِ في الطلائع الفُرسان من الأشراف، ويبعث معهم رجالًا من العجم فمن يستنصح على تلك الهجن، وكان إذا بعث بطَليعة أمرَ بلَوْح فنُقِش، ثمّ يشقّه شقّتين فأعطاه شقّة، واحتبس شقة، لئلا يمثَل مثلها، ويأمره أن يَدفِنها في موضع يصفُهُ له من مخاضَة معروفة، أو تحتَ شجرة معلومة، أو خربة، ثمّ يبعث بعده من يستبريها ليعلم أصادِقٌ في طليعته أم لا.

وقال ثابت قُطنة العَتَكيّ يذكر مَنْ قُتِل من ملوك الترك:

أَقَرَّ العَينَ مقتلُ كارزنكٍ ... وكَشْبيز وما لاقَى بيار

وقال الكُميتُ يَذكُر غَزوة السُّغْد وخُوارزْم:

وبعدُ في غزوةٍ كانت مُباركةً ... تردِي زراعةَ أَقوامٍ وتَحتَصِدُ

نالتْ غَمامتُها فِيلًا بَوابِلهَا ... والسُّغْد حين دنا شؤبُوبُها البَرِدُ

إِذ لا يزالُ له نَهبٌ يُنَفَّلهُ ... منَ المقاسِمِ لا وَخْشٌ ولا نَكَدُ

تلك الفُتوحُ التي تُدْلي بِحُجَّتِهَا ... على الخليفةِ إِنَّا معشرٌ حُشُدُ

لَم تَثنِ وجهَكَ عن قومٍ غَزوتَهُم ... حتى يُقال لهم: بُعدًا وقد بعِدُوا

لم ترضَ مِن حِصنهمْ إِن كان ممتَنِعًا ... حتى يُكَبَّرَ فيه الواحدُ الصَّمَدُ (١)

(٦: ٥٠٠ - ٥٠٤).

[خلافة سليمان بن عبد الملك]

قال أبو جعفر: وفي هذه السنة بُويع سليمانُ بن عبد الملك بالخلافة، وذلك في اليوم الذي تُوفِّي فيه الوليدُ بن عبد الملك، وهو بالرَّمْلة (٢). (٦: ٥٠٥).

وفيها عَزَل سليمانُ بن عبد الملك عثمانَ بن حيّان عن المدينة، ذكرَ


(١) ولقد ذكر الحافظ ابن كثير هذه الأحداث ضمن وقائع سنة (٩٦) [البداية والنهاية (٧: ٢٨٨)].
(٢) وانظر تاريخ خليفة (ص ٣١٤).
وقال الحافظ ابن كثير: بويع له بالخلافة بعد موت أخيه الوليد يوم مات وكان يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة (٩٦ هـ) وكان سليمان بالرملة [٧: ٣١٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>