للإجابة على هذا السؤال نقول: الذين باؤوا بإثم ذلك الظلم العظيم هم. أولًا: شيعة الكوفة يومها الذين أرسلوا إليه بالكتب وبايعوه وواعدوه ثم تخلوا عنه وتركوه وحده في الميدان ينظرون إليه وهو يقتل وليس هذا اتهامًا باطلًا فلا أحد يستطيع أن ينكر أن الشيعة من أهل الكوفة قد أرسلوا إليه كتبهم بالبيعة ثم تخلوا عنه وجمهور الصحابة يومها كانوا على يقين من وهن وزيف بيعة أولئك وعدم ثباتهم عليه بل إن أخاه الحسن بن علي - رضي الله عنه - الذي سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيدًا كان يخشى على أخيه الحسين (قبل عقد من استشهاده) من خيانة أهل العراق. فقد أخرج يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (١/ ١٧٨) قال: حدثنا أبو بكر: ثنا سفيان: ثني عبيد الله بن عبد الله بن الأصم عن يزيد الأصم قال: "أتيت الحسن بن علي فأتي بضبارة كتب وأنا عنده ... الخبر". وأخرجه الطبراني في الكبير (٣/ ٧٠) عن يزيد بن الأصم ولفظه: "خرجت مع الحسن ... الخبر، وفيه؛ فقال: يا جارية هات المخضب فصب فيه ماء، وألقى الكتب في الماء فلم يفتح منها شيئًا ولم ينظر إليه، فقلت: يا أبا محمد ممن هذه الكتب؟ قال: من أهل العراق من قوم لا يرجعون إلى حقٍ ولا يقصرون عن باطل أما فإني لست أخشاهم على نفسي ولكني أخشاهم على ذلك وأشار إلى الحسين". اهـ. وإسناد النسوي صحيح والله أعلم. وثانيًا: عبيد الله بن زياد وجنده وأما يزيد وإن لم يكن قد أمر بقتله إلّا أن ابن زياد قائد من قواده ترك له الحبل على الغارب فأراد ابن زياد أن يثبت حكم أميره يزيد فباع آخرته بدنيا غيره. وللعلامة المؤرخ محمود شاكر رأي مقارب لما قلناه أثناء التحقيق وزيادة بيان على قولنا فهو يرى أن يزيدًا لم يكن سببًا رئيسًا في قتل الحسين فهو في الشام وعبيد الله في العراق ولم يكن يزيد يومها قد تمكن من استتباب الأمور ولم يكن قويًّا بل إن عبيد الله كان ظاهرًا أمره في العراق. [وانظر التاريخ الإسلامي (٤/ ٢٥)]. قلنا: وتوكيدًا لرأي العلامة شاكر نقول: إن ابن زياد كان أقوى تأثيره على من هم فوقه في المسؤولية فقد استطاع فيما بعد (كما سنرى) أن يغير رأي مروان بن الحكم كي يعرض عن الذهاب إلى عبد الله بن الزبير وبيعته فأثناه عن الذهاب إلى الحجاز فكان سببًا في سفك دماء كثيرة أراد مروان أن يتجنبها ويوافق الأمة في إجماعها وكان أمر الله قدرًا مقدورًا. رأي الحافظ ابن كثير كإمام ناقد من أئمة أهل السنة والجماعة في مسألة استشهاد الحسين بن علي - رضي الله عنهما - وأرضاهما =