للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= منكرة سندًا ومتنًا، والحمد لله على نعمة الإسناد.

الخطبة الشافية حول حديث: (عمار تقتلك الفئة الباغية)
نسمع بين الحين والآخر أن أهل البدع يحتجون بهذا الحديث الصحيح على أن جيش معاوية ومن معه رضي الله عنهم خارجون عن الملّة والعياذ بالله، وأمثال هؤلاء كمثل الذي يقرأ قوله الله تعالى: {فَوَيلٌ لِلْمُصَلِّينَ} ثم يسكت ولا يكمل قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}.
وكما هو معلوم لدى فقهاء الأمة جميعًا: أن الحكم في المسألة المعينة لا يصدر إلّا بعد جمع جميع الأدلة وفهمها لنعلم العام من الخاص والمطلق من المقيد وما إلى ذلك، ولفهم هذا الحديث لا بدّ لنا أن نجمع ما ذكرناه متناثرًا في ثنايا هذا (الصحيح) فنقول وبالله التوفيق:
١ - مما لا شك فيه: أن معاوية رضي الله عنه ومن معه كعمرو بن العاص وغيرهم اجتهدوا فأخطؤوا، وكان خروجهم على سيدنا علي بغيًا ولكن هذا البغي لم يخرجهم من دائرة الإسلام لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَينَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} فالله سبحانه سمّى الفئة الباغية ضمن المؤمنين فلم يخرجهم بغيهم من دائرة الإسلام، وإنما أراد علي أن يصلح أول الأمر تطبيقًا للآية الكريمة وكذلك معاوية رضي الله عنهما، ثم استخدم علي القتال حتى يدخلهم في طاعة أمير المؤمنين، وخروج جيش معاوية رضي الله عنه على علي ظلم أراد عليًّا أن يمنعهم منه، وهذا قول عمار خير دليل على تكذيب أهل البدع والضلال؛ فقد أخرج ابن أبي شيبة (١٥/ ٢٩٠) عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال: لا تقولوا: كفر أهل الشام ولكن قولوا: فسقوا وظلموا.
ولعلّ بعض المبتدعة يقولون: ولكن عمارًا رضي الله عنه أقسم بالله أن الصف الآخر على ضلالة فما قولكما؟ نقول وبالله التوفيق:
أولًا: إن رواية ابن أبي شيبة السابقة تبيّن أن ضلالتهم هو ظلم أو فسق لأنهم خرجوا على الإمام الأعظم (الخليفة) وذلك نتيجة لاجتهادهم الخاطئ، ولو علموا في حينها أن اجتهادهم خاطئ لما أقدموا على القتال كما سنبين بعد قليل.
ثانيًا: إن عبارة (وأنهم على ضلالة) تفهم على حقيقتها إذا لم ندع الرواية بتراء؛ فتصام الرواية: (لعرفت أن مصلحينا على الحق وأنهم على الضلالة) وهذا لفظ أحمد (المسند ٤/ ٣١٩) وفي لفظ آخر (لعرفت أن مُصْلحتنا) وهذا اللفظ لابن أبي شيبة في مصنفه (١٥/ ٢٩٧) وأما لفظ الحاكم (لعرفت أن صاحبنا) المستدرك (٣/ ٣٩٢) وهذا يعني أن عمارًا يعلم أن في الجيشين مصلحون وكذلك مفسدون؛ وهم مثيرو الفتنة من قتلة عثمان السبئية ومن تحولوا فيما بعد إلى الخوارج ولذلك نسب الحق إلى مصلحيهم.
٢ - لم يكن أحد ممن مع سيدنا معاوية رضي الله عنه يتمنى أن يكون في جيش يضم أفرادًا من =

<<  <  ج: ص:  >  >>