مَلَكتُ النَّاسَ قَسْرًا واقتدارَا ... وَقتَّلتُ الجبابرةَ الكِبَارا
ووجَّهتُ الخلافة نحو مَرْوٍ ... إلى المأْمون تَبْتَدِرُ ابتدارَا
* * *
[ذكر ما قيل في محمد بن هارون ومرثيته]
فما قيل في هجائه:
لِمْ نُبَكِّيك لِماذا؟ للطَّربْ! ... يا أبا موسى وَتَرْوِيج اللَّعِبْ
وَلتَرْكِ الخمْسِ في أوقاتِهَا ... حَرَصًا مِنكَ على ماء العِنَبْ
وَشَنيفٍ أَنا لا أَبكي لَهُ ... وعَلى كوثرَ لا أَخشى الْعَطَبْ
لَمْ تكُنْ تَعرفُ ما حدّ الرِّضا ... لا ولا تَعْرفُ ما حَدُّ الغَضَبْ
لم تكن تَصلُحُ للمُلكِ ولَمْ ... تُعطكَ الطاعةَ بالمُلك الْعَرَبْ
أَيُّها الباكِي عَلَيْهِ لا بكتْ ... عينُ مَنْ أَبكاكَ إلَّا لِلعَجَبْ
لِمْ نُبَكِّيكَ لمِا عَرَّضتَنا ... للمجانيق وَطَوْرًا للسَّلَبْ
ولقومٍ صَيَّرونَا أَعبُدًا ... لهمُ يَنزو على الرأس الذَّنَب
فِي عذابٍ وحصارٍ مُجهدٍ ... سَدَّد الطُرقَ فَلَا وَجْهَ طَلَبْ
زَعمُوا أَنَّكَ حيٌّ حاشِرٌ ... كُلُّ مَنْ قَالَ بهذَا قَدْ كَذَبْ
لَيْتَ مَنْ قَدْ قَالهُ في وَحْدَةٍ ... مِنْ جميع ذاهب حيثُ ذَهَبْ
أَوجَب اللهُ عَلَيْنَا قَتلَه ... فإذا ما أَوْجَبَ الأَمرَ وَجَبْ
كانَ والله عَلينا فتنة ... غَضِبَ الله عَلَيْهِ وَكَتَبْ
وقال عمرو بن عبد الملك الوراق يبكي بغداد، ويهجو طاهرًا ويعرض به:
مَنْ ذا أصابكِ يا بَغدادُ بالعينِ ... أَلمْ تكُونِي زَمانًا قرّة العينِ!
ألم يكن فِيكِ أقوامٌ لهم شرف ... بالصالحات وبالمعروف يلقوني
ألم يكن فيك قومٌ كان مسكنُهمْ ... وكان قربهُمُ زينًا من الزَّيْنِ
صاحَ الزمانُ بهمْ بالبيْن فانقرضُوا ... ماذَا الَّذِي فَجعَتْني لوعةُ الْبَينِ
أَستوْدِعُ اللهَ قومًا ما ذكرتهُمُ ... إلا تحَدَّرَ ماءُ العيْن مِنْ عَيْنِي
كانُوا ففرَّقَّهم دهرٌ وصدَّعهمْ ... والدَّهرُ يصدعُ ما بينَ الفريقينِ
كم كانَ لِي مسعدٌ منهم على زمني ... كمْ كان منهم على المعروف من عونِ