لله درُّ زمانٍ كان يجمعنُا ... أينَ الزمانُ الَّذي ولَّى ومِنْ أينِ!
يا مَنْ يُخَرّبُ بغدادًا ليعْمرَها ... أهلكتَ نفسكَ ما بين الطريقيْن
كانت قلوبُ جميعِ الناس واحِدَةً ... عيْنًا، وليس لكون العيْن كالدَّينِ
لمَّا أَشَتَّهُمُ فرَّقتهُمُ فرقًا ... والنَّاُس طُرًا جميعًا بينَ قلبيْن
وذكر عمر بن شبة أن محمد بن أحمد الهاشمي حدثه، أن لبانة ابنة علي بن المهدي قالت:
أَبكيكَ لا للنَّعيم والأنْس ... بلِ للمعَالي والرُّمح والتُّرس
أبكِي على هالكٍ فجعْتُ بهِ ... أَرْملني قبلَ ليْلة العُرس
وقد قيل إن هذا الشعر لابنة عيسى بن جعفر، وكانت مملكة بمحمد.
وقال الحسين بن الضحاك الأشقر، مولى باهلة، يرثي محمدًا، وكان من ندمائه، وكان لا يصدق بقتله، ويطمع في رجوعه:
يا خيرَ أسرتِهِ وإنْ زعمُوا ... إِنِّي عليْكَ لمُثْبَتٌ أسِفُ
اللهُ يعلمُ أنَّ لي كبدًا ... حَرَّى عليك ومُقلَةً تكِفُ
ولئنْ شَجِيتُ بما رُزئتُ به ... إنِّي لأضمِرُ فوق ما أصِفُ
هلَّا بَقيتَ لسَدِّ فاقتنا ... أبدًا، وكان لغيركَ التلَفُ!
فلقد خلَفْتَ خلائفًا سلَفُوا ... ولَسوفَ يُعْوزُ بعَدكَ الخَلَفُ
لا باتَ رهطُكَ بَعدَ هفوتِهمْ ... إنِّي لِرهطكَ بعدها شَنِفُ
هَتكوا بحُرمتكَ التي هُتكتْ ... حرمَ الرَّسولِ ودونَها السُّجفُ
وثبتْ أقَاربكَ التي خذلَت ... وجميعها بالذُّلِّ معترفُ
لم يفعلوا بالشَّطِّ إذ حضرُوا ... ما تفعلُ الغيرانةُ الأنفُ
ترَكوا حَريمَ أبيهمُ نفلًا ... والمحصناتُ صوارخٌ هتفُ
أبدتْ مُخلخلها على دَهش ... أبكارهنَّ وَرَنَّتِ النَّصفُ
سلبتْ معاجرهنَّ واجتليتْ ... ذاتُ النقابِ ونوزعَ الشَّنفُ
فكأنهنَّ خلالَ منتهبٍ ... درٌّ تكشَّفَ دونهُ الصدفُ
ملكٌ تخوَّنَ ملكهُ قدرٌ ... فوهَى وصرفُ الدَّهر مختلفُ
هيهاتَ بعدَك أن يدُومَ لنا ... عزٌّ وأن يَبقى لنا شرفُ
لا هيَّبُوا صُحُفًا مُشرَّفةً ... للغادرينَ وتحتْها الجدَف